نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 258
إليه الأقدمون.
فإذا بلغت إلى غاية التوسط من الأطراف المتضادة- فاعتدلت أو قربت حدا
من الاعتدال الرافع للتضاد الذي هو بمنزلة الخالي عن الأضداد كالسبع الشداد و ما
فيها-، استعدت لقبول الفيض الذي أكمل مما يمكن قبوله و قبلت من التأثير الإلهي ما
قبلته الأجرام العلوية و العرش الأعظم الذي ترفع إليه الأيدي في الدعاء لصفاء
جوهره أقصى غاية الصفاء، و تهيئه لقبول الفيض عن المبدإ الأعلى أتم تهيؤ لاعتداله
الذاتي، و بعده عن التضاد أقصى بعد.
قال الشيخ الرئيس:" لو لا ذلك في جوهر الفلك لما صلح على لسان
أكثر الأمم أن الله تعالى على السماء".
و بالجملة إن العناصر إذا امتزجت امتزاجا قريبا من الاعتدال جدا، و
سلكت طريقا إلى الكمال أكثر مما سلكه الكائن النباتي و الحيواني، و قطعت من القوس
العروجي أكثر، اختصت بالنفس الناطقة المستخدمة لجميع القوى النباتية و الحيوانية و
هي كمال أول لجسم طبيعي إلى جهة ما تدرك الأمور الكلية و المجردات و تفعل الأفعال
الفكرية.
فلها باعتبار ما يخصها من القبول عما فوقها و الفعل فيما دونها
قوتان: قوة عالمة و قوة عاملة، فبالأولى تدرك التصورات و التصديقات و تسمى بالعقل
النظري و القوة النظرية، و بالثانية تستنبط الصناعات الإنسانية و تعتقد القبيح و
الجميل فيما تفعل و تترك، كما أن بالنظرية تعتقد الحق و الباطل فيما تعقل و تدرك،
و تسمى بالعقل العملي و القوة العملية، و هي التي تستعمل الفكر و الروية في
الصنائع المختارة للخير أو ما يظن خيرا في العمل.
و لها الجربزة و الغباوة و التوسط بينهما يسمى بالحكمة العملية التي
هي من الأخلاق لا من العلوم النظرية أو العملية اللتين كلما كانتا أكثر و أشد كان
أفضل.
و هذه القوة خادمة للنظرية مستعينة بها في كثير من الأمور و يكون
الرأي الكلي عند النظري و الرأي الجزئي المعد نحو المعمول عند العملي.
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 258