نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 222
فهذا السماء لعظمها و كثرة كواكبها بيت واحد من بيوت عبد الله فيها
خلائق كثيرون، فمنهم سجود لا يركعون، و منهم ركوع لا ينتصبون، و مسبحون لا يسأمون،
لا يغشاهم نوم العيون، و لا فترة الأبدان و غفلة النسيان.
و ليس من شرط البيت أن يكون من الطين و الخشب، بل و لا يشترط أن يكون
المعبد جسمانيا، بل كل ما يقوم فيه عبادة الحق الأول و تسبيحه و تقديسه فهو مما
يصدق عليه المعبد بالحقيقة.
فانظر إلى البارىء تعالى كيف خلق السماء معبدا للملائكة المسبحين
المهللين، ثم جعلها آمنة من الفساد و الخلل، غير قابلة للأضداد، و أمسكها من غير
عمد ترونها و من غير حبل تتدلى بها.
و العجب ممن لا ينظر إلى بيت بنى الله تعالى بنيانه بقدرته و انفرد
بعمارته و زينه بزينته ناسيا ربه بسبب نسيان نفسه، مشتغلا ببطنه و فرجه، ليس له هم
إلا هم شهوته أو حشمته، غافلا عن بيت الله تعالى و عن الملائكة الذين هم سكان
سماواته، فلا يعرف من السماء إلا بقدر ما يعرف النملة من سقف بيته و ما صنع الصانع
فيه، و لا يعرف من ملائكة السماوات إلا ما يعرف النملة من نفوس سكان البيت.
و لنعطف عنان الكلام من هذه النمط، لأن الغرض إيراد شيء يسير من
دقائق عنايته تعالى و صنعه في المخلوقات الظاهرة، فإنه لا مطمع لأحد في معرفة
دقائق أسرار اللطف و الرحمة في هذا العالم و في ملكوته الأعلى و لا في استقصاء
بدائع الصنع في هذه الموجودات التي تلينا في أعمار طويلة، لأن علوم العلماء نزر
حقير بالقياس إلى معرفة الأنبياء و الأولياء، و ما عرفوه قليل بالإضافة إلى ما
عرفه المقربون من الملائكة. ثم جميع علوم الملائكة و الجن و الإنس إذا أضيفت إلى
علم الله تعالى لم يستحق إلى أن يسمى علما، بل هو إلى أن يسمى دهشة و حيرة و قصورا
و عجزا أقرب، لقوله تعالى مخاطبا إلى جميعهم:"وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا."
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 222