نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 2 صفحه : 87
ثم مال كل واحد منهم إلى اختيار عنصر واحد. فيشبه[1]أن يكون أقدمهم من رأى أن العنصر الواحد[2]هو الماء. و دعاه إلى ذلك ظنه أن العنصر ينبغي أن يكون مطاوعا للتشكل
و التخليق[3]حتى يكون منه ما هو عنصر له. فكل[4]ما هو أشد مطاوعة لذلك فهو أولى بالعنصرية. ثم وجد هذه المطاوعة
كأنها فصل[5]خاص بالرطوبة؛ و الناس كلهم يعتقدون أن الرطوبة ماء، أو شىء الغالب
عليه الماء، فجعل[6]الماء البسيط هو العنصر.
قال و لهذا ما نرى[7]الحيوانات
لا تتخلق[8][9]إلا من الرطب،[10]و
هو المنى.
و الذين رأوا أن الاسطقس[11]هو
الأرض، و هم قليل[12]و غريب، فقد دعاهم إلى ذلك وجود[13]جلّ الكائنات الطبيعية مستقرة على الأرض متحركة[14]إلى مكان الأرض بالطبع، فحكموا من ذلك أن الأرضية هى جوهر الكائنات
كلها.
و أما الذين رأوا أن الأسطقس[15]نار فقد دعاهم إلى ذلك ما ظنوه من كبر جوهره،[16]كأنهم استحقروا حجم الأرض و الماء و الهواء فى جنبته؛ إذ السماوات[17]المشعّة و الكواكب المضيئة كلها[18]عندهم نارية. و حكموا بأن الجرم[19]الأكبر مقدارا هو الأولى أن يكون عنصرا، و خصوصا و لا جسم أصرف فى
طبيعته من النار، و أن[20]الحرارة
هى المدرة فى الكائنات كلها، و ما الهواء[21]إلا نار مفترة ببرد البخار، و ما البخار[22]إلا ماء متحلل.[23]و
ما الماء[24]إلا نار[25]مكثفة، و هواء مكشفا[26][27]ماء.
و لو كان للبرد عنصر يتصور به، و لم يكن[28]البرد أمرا عرضيا يعرض لذلك العنصر الواحد، لكان فى العناصر بارد،
برده فى وزن[29]شدة حر النار.