نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 2 صفحه : 54
من المعانى الواقعة فى حيز الشر و الرذيلة، فجعلوا النار موصوفة
بالوحدة و بالسكون و بالتوسط فى المكان، و جعلوا الأرض موصوفة بالكثرة و الحركة و
الوقوع فى الطرف.
و قالوا إن فى العالم أرضين كثيرة، و إنها هى التي تتوسط بين أبصارنا
و بين[1]النيّرين، فيكسفهما[2]بالستر،
لا بالمحو.[3]و هؤلاء قد تكلفوا ما لا يستقيم لهم. و كيف السبيل إلى أن يوجد فى
النار كل معنى واقع فى حيز[4]الخير،
و فى الأرض كل معنى واقع فى حيز الشر، و متى يمكن[5]هذا؟ فإن النار مفرطة الكيفية مفسدة، و الأرض معتدلة و لا تفسد؛[6]و النار أسرع حركة فى المكان القريب[7]من الأرض، و أقبل للعدم أو التفرق[8]فلا يظهر للحس. و الأرض أبطأ حركة، و أثبت وجودا فى الحيز[9]القريب. ثم حيز الأرض حيز الحياة و حيز النشوء[10]للنبات و الحيوان. و حيز النار مضاد لذلك.[11]و لا يبعد أن نجد[12]للأرض
من الأوصاف المحمودة عدد[13]ما
نجد[14]للنار. وهب أن الحس البصرى يثنى على النار؛ فلنسمع[15]ما يقوله الحس اللمسى. و ليس الاستحسان أشرف من الاستنفاع، كما أنه
ليس الحسن غير النافع[16]أفضل
من النافع غير الحسن،[17]أعنى بالحسن[18]الحسن
المنظرىّ.
على أنه لا القول الذي قالوه، و لا الجواب الذي أجبنا به من جنس
الكلام البرهانى. لكن الأصول توجب[19]علينا
أن نعتقد أن الأرض واحدة إلى أن نوضح[20]ذلك.
فنقول إن الأرضين كلها صورتها الطبيعية واحدة، و قد علم من قبل أن
الأشياء التي