نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 2 صفحه : 44
و الشأن أن ذلك الانمحاق لا يكون شيئا عرض ابتداء فى زمان؛ بل ما دام
القمر فيجب أن يكون من حكمه ما تعلم.[1]و
قد حسب بعض من أدرك زماننا ممن شاخ فى الفلسفة العامية[2]الموجودة فى نصارى بغداد أن هذا السواد هو تأد[3]من السواد الذي يكون فى القمر من الجانب الذي لا يلى الشمس، و لا
يستضيء بها، و لم يشعر هذا القائل[4]أنه
لو كان كذلك[5]لكان ذلك[6]الخيال
مما لا ينقطع و يتفرق[7]فى
صفحة القمر، بل يكون لبابه[8]عند
المركز، ثم لا يزال يتدرج[9]إلى
البياض. و لم يعلم أن ذلك مما يكون فى أوائل الاستهلال، و حيث ذلك الجانب مضىء
كونه[10]عند تبدر القمر. و نحن نرى القمر إذا أخذ يزيد ضوؤه، فإن تلك الثلم[11]من صورة المحو فيه تكون[12]محفوظة؛
و يكون ظهور شكل المحو و شكل الضوء على نسبة محفوظة إلى التبدر. و لم يعلم[13]أن السواد و الظلمة لا يشف[14]من جانب الجسم الأسود إلى جانب له آخر؛[15]بل ظن[16]أنه خرّج وجها و أبدع قولا.[17]هذا و أقول[18][19]، على سبيل الظن، أنه يشبه أن يكون لكل كوكب، مع الضوء المشرق منه،
لون[20]بحسب ذلك اللون،[21]يختلف
أيضا الضوء المحسوس لها، فيوجد إشراق بعضها إلى الحمرة، و بعضها إلى الرصاصية،[22]و بعضها إلى الخضرة. و كأن الشعاع و النور لا يكون إلا[23]فى جرم له خاصية لون.[24]فإن
النار إنما يشرق دخانه، و هو فى جوهره ذو لون[25]ما.
و يختلف المرئى من اللهيب باختلاف[26]اللون الذي يخالطه النور النارى. و ليس هذا شيئا أجزم به جزما.
فإذ[27][28]قد تكلمنا فى جواهر الكواكب و مخالفتها للأفلاك فى لونها، فحرىّ بنا
أن نتكلم[29]فى حركاتها التي تخصها.