نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 97
و لما تحققت ما ذكرناه من أن عدم الفعل قد يكون لعجز الهيولى أو عدم
المكان أو الزمان أو الحركات أو ما شاكلها علمت فساد ظن كثير من العوام و أهل
الكلام الذين لا يعرفون كيفية العجز من الهيولى و لا يتصورونه فينسبون العجز كله
إلى الفاعل الحكيم القادر العليم و ذلك لأنهم ربما يتوهمون ذلك على الله تعالى
فيقولون إنه لا يقدر على كثير من الأشياء و يعجز عنها مثل قولهم إنه لا يقدر أن
يخرج إبليس عن مملكته و لا يتفطنون مع قطع النظر عن المصالح التي روعيت في خلقه أن
العجز في عدم الإخراج إنما هو من عدم المملكة التي غير مملكة الله تعالى حتى يتصور
إخراجه إليها و ليس من عدم القدرة من الخالق و يقولون إنه لا يقدر أن يدخل
السماوات في جوف إبرة و لا يدرون أن العجز من الإبرة[1]و خرمها و يقولون إن الله لا يقدر أن يجمع بين النقيضين و لا
يدرون أن العجز منهما فإذا سئلوا عن معنى قوله تعالىوَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*قالوا هذه الآية مخصصة خلاف ما قال الله تعالى لأنه ذكر على العموم و
صرح بإيراد لفظ الكل و لم يعلموا أن هذه الممتنعات التي يتصورونها ليست بأشياء
خارجة عن أوهامهم و تصوراتهم- بل الذهن يتصور بعض المفهومات و يجعله عنوانا للمستحيلات
و يحكم عليها بأحكام غير بتية بل على سبيل الفرض و التقدير كما في القضايا
الحقيقية غير البتية على ما هو مفصل- في بعض مواضع هذا الكتاب.
و أما الخيرات التي توجد في أنفس الحيوانات العنصرية
من المحبة و اللذة و الألفة و الأكل و الشرب و الوقاع فلا شك أنها مستودعة
في جبلتها مغروسة في فطرتها بعناية الله تعالى و رضاه بالذات و بالقصد الأول و أما
ما يلحقها من التنافر و الوحشة و المبغضة و الجوع و الألم و العطش و الجرح و
الأمراض و الأوجاع[2]و الموت و
أشباهها فهي واردة عليها على سبيل الضرورة و الانجرار و التبعية واقعة بقدر الله
تعالى بالعرض و بالقصد الثاني