responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا    جلد : 7  صفحه : 83

البدنة متلطخة بالملكات المذمومة و الهيئات المرذولة و زال الحجاب البدني و فيها مادة الشعلات الجحيمية و كبريت الحرقات الباطنية و النيرانات الكامنة اليوم فشاهدتها بعين اليقين و قد أحاطت بها سرادقها و أحدقت بقلبها عقاربها و حياتها و عاينت مرارة شهوات الدنيا و تأذت بموذيات أخلاقها و عاداتها و ردت إليها مساوي أفعالها و نتائج أعمالها كما

قال الصادق ع: إنما هي أعمالكم ترد إليكم‌

و قال‌

: رب شهوة ساعة أورث حزنا طويلا

و يكون حال الإنسان المتألم بهذا العقاب بسبب الهيئات الردية كحال الإنسان المنهوم المقصر في الحمية إذا ردت إليه شدة نهمته و قوة شهوته و ضعف معدته أوجاعا و أمراضا مولمة فيكون هذا التألم من لوازم ما ساق القدر إليه من الشهوة المؤدية إلى هذا التألم لا لأن الطبيب الذي أمره بالاحتماء ينتقم منه.

و منها و هو من ركيك الاعتراضات‌ [1] على الحكماء

أنهم لما لم يقولوا بالحسن و القبح‌ [2] في الأفعال كما ذهب إليه المعتزلة و نفوا في أفعال الواجب تعالى الغرض‌


[1] المعترض هو الإمام الرازي، ط مد ظله‌

[2] أي العقليين أقول إن هذا إلا إفك افتروه عليهم حاشاهم عن ذلك و كيف يقول الذين هم أبناء العقل و أسلاعه بنفي التحسين و التقبيح العقليين نعم لما كان الحسن و القبح عندهم بمعنى موافقة الغرض و المصلحة و خلافها و الحكماء باعتقاد هؤلاء نافون للفرض- نسبوه إليهم فكأنهم يقولون ينبغي للحكيم أن لا يقول به.

و لما كان هذه المسألة من معارك الآراء لا بأس بذكر طرف من الكلام فيه فنقول- اختلف في حسن الأشياء و قبحها بل هما عقليان أو شرعيان فذهب الحكماء و الإمامية و المعتزلة الأول و الأشاعرة إلى الثاني ثم إن المعتزلة اختلفوا فذهب الأقدمون منهم إلى أن حسن الأفعال و قبحها لذواتها لا لصفات فيهما و ذهب بعض من قدمائهم إلى إثبات صفة حقيقية توجب ذلك مطلقا في الحسن و القبح جميعا و ذهب أبو الحسين إلى هذا في القبح دون الحسن فقال لا حاجة فيه إلى صفة محسنة بل يكفي انتفاء الصفة المقبحة- و ذهب الجبائي إلى أن ليس حسن الأفعال و قبحها لصفات حقيقية فيها بل لوجوه اعتبارية- و صفات إضافية و يختلفان بحسب الاعتبارات في لطمة اليتيم تأديبا و ظلما.

و المراد من كون الحسن و القبح عقليين أن العقل يمكنه أن يفهم أن العقل الفلاني- ممدوح في نفس الأمر و الآخر مذموم و إن لم يرد به الشرع الأنور أو يمكنه فهم الجهة التي بها حسن الفعل فأمر به الشارع أو قبح فنهى عنه إن كان بعد ورود الشرع و عدم فهمه جهات الحسن و القبح في بعض الأفعال لا يقدح في عقليتها لأنه يعلم إجمالا أنه لو كان خاليا عن المصلحة- أو المفسدة يقبح عن الحكيم طلب فعله أو تركه و المراد من كونهما شرعيين أنه لا يمكن للعقل إدراك الحسن و القبح و أن فاعل هذا يستحق المدح و فاعل ذاك يستحق الذم و لا إدراك جهات الحسن و القبح في فعل من الأفعال لا قبل ورود الشرع و لا بعده و قد يقال المراد بالعقلية اشتمال الفعل على الجهة المحسنة أو المقبحة سواء أدرك العقل تلك الجهة أم لا- و بالشرعية خلاف ذلك فعلى العقلية الشرع كاشف و مبين للحسن و القبح الثابتين له في نفس الأمر و لا يجوز في الفعل الذي أمر به أن ينهى عنه في ذلك الوقت بعينه و لا فيما نهى عنه أن يأمر به كذلك نعم يجوز إذا اختلف الوقت كما في صورة نسخ الأحكام و على الشرعية الشرع هو المثبت له لا الكاشف و ليس الحسن أو القبح عائد إلى أمر حقيقي في الفعل قبل ورود الشرع و يجوز التعاكس المذكور و لا علاقة لزومية بين فعل الصلاة مثلا و دخول الجنة و لا بين أكل أموال اليتامى ظلما و أكل النار في الباطن و لذا لو أدخل الله العبد المؤمن العابد الزاهد النار و الكافر المشرك الجنة لجاز عند أصحاب هذا المذهب بخلافه على مذهب التحقيق فإن العلاقة اللزومية ثابتة عقلا بين الأفعال الحسنة و الصور الملذة و بين الأفعال القبيحة و الصور المولمة كما في الكتاب المجيد جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ* و جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ* و

قوله ص: إنما هي أعمالكم ترد إليكم‌

و قولهم بنفي السببية و المسببية و جري عادة الله تعالى باطل.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن الحق هو عقلية الحسن و القبح للعلم الضروري باستحقاق المدح على العدل و الإحسان و الذم على الظلم و العدوان و هذا العلم حاصل لكل عاقل و إن لم يتدين بدين و لهذا يحكم به منكر الشرائع أيضا كالبراهمة و أيضا الحكم بحسن ما حسنه الشارع أو قبح ما قبحه يتوقف على أن الكذب قبيح لا يصدر عنه و أن الأمر بالقبيح و النهي عن الحسن سفه و عبث لا يليق به و ذلك إما بالعقل و التقدير أنه معزول و إما بالشرع فيدور، س قده‌

نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا    جلد : 7  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست