responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا    جلد : 7  صفحه : 56

أن يكون صدور الأفعال منها لأغراض و غايات تعود إليها من فعلها و لم تكن حاصلة قبل الفعل و إلا لم تكن تامة كاملة الذات بل ناقصة مستفيدة الكمال من جهة معلولاتها- و هذا ممتنع جدا فثبت أنها لا يهمها في فعلها شي‌ء و لا يدعوها داع و لا يتعرض على ذواتها إيثار طار و لا إرادة زائدة إلا الاقتداء بالخير الأقصى و النور الأتم الأعلى.

و أما الواحد الحق فليس فوقه غاية ينظر إليها في إفاضة الخير و بث الرحمة العامة- و مع ذلك فإنا نشاهد في موجودات هذا العالم و أجزاء النظام و أفراد الأكوان سيما في النبات و الحيوان بل في كليات الأعيان من الأفلاك و الأركان من حسن التدبير و جودة الترتيب و رعاية المصالح و المنافع و إبداع القوى و الأسباب الملائمة للأغراض الدافعة للآفات و المفسدات ما نقضي به آخر العجب و لا يسع لأحد أن ينكر الآثار العجيبة في جزئيات الأكوان فكيف في كلياتها كما سنذكر أنموذجا منها و تلك الجزئيات مثل مصالح و منافع روعيت في بعض النباتات كالنخل و العنب و بعض الحيوانات العجم الحقيرة- كالنحل و العنكبوت مما ليس يصدر ذلك على وجه الاتفاق من غير تدبير سابق و حكم مطابق و مصلحة مرعية و حكمة مرضية.

فإذن يجب أن يعلم أن العناية كما مر هي كون‌ [1] الأول تعالى عالما لذاته بما


[1] ملخصه كما سيصرح به أن العناية تجمع بمفهومها أمورا ثلاثة العلم و السببية و الرضا و نقول في توضيح ذلك إن العناية و الاعتناء بالشي‌ء على ما نعقله من معناها هو أن يجتهد الفاعل في صدور أصل الفعل أو صدوره على غاية ما يمكن من خصوصيات الكمال- من غير أن يصرفه عن أصل الفعل أو عن إيقاعه على غاية ما يمكنه من الكمال الاشتغال عنه بأمر أهم منه أو أحب أو أعظم أو نحو ذلك فإن الاشتغال بأمور العظيمة الخطيرة يصرفنا عن الاهتمام بالأمور الحقيرة اليسيرة فنتساهل فيها بتركها من أصلها أو نسامح في بعض خصوصيات وجودها فلا نشتغل بها فإذا اجتهدنا في الحقير كما نجتهد في الخطير أو اجتهدنا في إصلاح شئون الأمر الحقير و رعاية مصالحه و رفع جزئيات حوائجه كما في الأمر الخطير فتلك العناية.

و الوجه في انصرافنا عن الأمور الحقيرة اليسيرة و اشتغالنا بعظائمها هو أن لنا قريحة المقايسة بين الأشياء فإذا عرض لنا فعلان واجبان أحدهما أهم و الآخر مهم فربما قايسنا بينهما و عددنا الأهم واجبا فكان المهم دون الواجب فسامحنا في أمره و إن كنا لو لم نقايس بينهما كانا جميعا واجبين و اشتغلنا بالحقير كما نشتغل بالخطير و ذلك لأن كلا من الفعلين حينئذ يصير بارتفاع المقايسة معلوما لنا على ما هو عليه من الوجوب أي المعلولية لنا الملائمة لذواتنا و هذه هي العناية و قد اجتمع فيها العلم بالشي‌ء و السببية له و الملاءمة لذات الفاعل- و هو المراد برضى الفاعل به.

و الله سبحانه له علم بكل شي‌ء على ما هو عليه من غير أن يوهنه أو يغيره قياس و نحوه و هو السبب الأعلى لكل ذي سبب و مسبباته ملاءمة لذاته فله عناية بالأشياء.

و قد ظهر لك بما بيناه أن العناية بحسب طبع معناه من صفات الفعل فإن ملاءمة فعله له من الصفات المنتزعة من مقام الفعل لكن بإرجاع الملاءمة المذكورة إلى حيثية ذاتية تعود من صفات الذات كما نقول هي كون الذات عالمة بالأشياء سببا لها بحيث يلائمها مسبباته، ط مد ظله‌

نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا    جلد : 7  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست