نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 8
إعزازهم و إضرارهم فتوجهت توجها غريزيا نحو مسبب الأسباب و تضرعت
تضرعا جبليا إلى مسهل الأمور الصعاب فلما بقيت على هذا الحال من الاستتار و
الإنزواء و الخمول و الاعتزال زمانا مديدا و أمدا بعيدا اشتعلت نفسي لطول
المجاهدات اشتعالا نوريا- و التهب قلبي لكثرة الرياضات التهابا قويا ففاضت عليها
أنوار الملكوت و حلت بها خبايا الجبروت و لحقتها الأضواء الأحدية و تداركتها
الألطاف الإلهية فاطلعت على أسرار لم أكن أطلع عليها إلى ألآن و انكشفت لي رموز لم
تكن منكشفة هذا الانكشاف من البرهان بل كل ما علمته من قبل بالبرهان عاينته مع
زوائد بالشهود و العيان من الأسرار الإلهية و الحقائق الربانية و الودائع
اللاهوتية و الخبايا الصمدانية فاستروح العقل[1]من أنوار الحق بكرة و عشيا و قرب بها منه و خلص إليه نجيا
فركا بظاهر جوارحه فإذا هو ماء ثجاج و زوى[2]بباطن تعقلاته للطالبين فإذا هو بحر مواج أودية الفهوم سالت
من فيضه بقدرها و جداول العقول فاضت من رشحه بنهرها فأبرزت الأوادي على سواحل
الأسماع جواهر ثاقبة و دررا و أنبتت الجداول على الشواطي زواهر ناضرة و ثمرا و حيث
كان من دأب الرحمة الإلهية و شريعة العناية الربانية أن لا يهمل أمرا ضروريا يحتاج
إليه الأشخاص بحسب الاستعداد و لا يبخل بشيء نافع في مصالح العباد فاقتضت رحمته
أن لا يختفي في البطون و الأستار هذه المعاني المنكشفة لي من مفيض عالم الأسرار و
لا يبقى في الكتمان و الاحتجاب الأنوار الفائضة علي من نور الأنوار فألهمني الله
الإفاضة مما شربنا جرعة للعطاش الطالبين و الإلاحة[3]مما وجدنا لعمه لقلوب السالكين ليحيا من شرب منه جرعة و
يتنور قلب من وجد منه لعمه فبلغ الكتاب أجله و أراد الله تقديمه و قد كان أجله
فأظهره في الوقت الذي قدره و أبرزه على من له يسره فرأيت إخراجه من القوة إلى
الفعل و التكميل و إبرازه من الخفاء إلى الوجود و التحصيل فأعملت فيه فكري و جمعت
على ضم شوارده أمري و سألت الله تعالى أن يشد أزري و يحط بكرمه وزري و يشرح
لإتمامه صدري فنهضت عزيمتي