نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 17
و هوالسفر من الخلق إلى
الحق أي من الكثرة إلى الوحدة و إذا وصل إلى عالم الوحدة و احتجب عن مشاهدة الكثرة
فحينئذ يستدل السالك بالسلوك العلمي من ذات الحق و وحدته على أوصافه و أسمائه و
أفعاله مرتبة بعد مرتبة و يعرف خواص وجوبه و وجوده مرتبة و منتظمة و هذه المرتبة
بمنزلة السفر الثاني للسالك في السلوك الحالي الذي هو في الحق بالحق أما في الحق
فظاهر لكون هذا السفر في صفات الحق و أسمائه و خواصه و أما كونه بالحق لأن السالك
حينئذ متحقق بحقيقة الحق و غافل عن مشاهده إنيته- و إنية جميع الكثرات و الأعيان
فإن في ذاته و صفاته و أسمائه و باق ببقائه لا بإبقائه فافهم إن كنت من أهل
الأسرار و في هذه المرتبة ربما انشرح صدر السالك عن الضيق و التزاحم- و حلت عقود
العجز عن لسانه بحيث يشاهد الكثرة في الوحدة و الوحدة في الكثرة و لا يحجبه مشاهدة
الوحدة عن مشاهدة الكثرة و لا يشغله بالعكس و يصير جامعا لكلتا النشأتين و برزخا
بين المقامين و ذلك لسعة دائرة وجوده و انشراح صدره فحينئذ يصير قابلا لكونه معلما
للناقصين و مرشدا لضعفاء العقول و النفوس و منزلة هذه المرتبة من السلوك الحالي و
العلمي منزلة السفر من الحق إلى الخلق بالحق و هو مرتبة النبوة و الرسالة و فوق
هذه المرتبة مرتبة أخرى أعلى و أكمل و أدق و أتقن و هي الاستدلال على وجود الحق و
وجود غيره بالحق بحيث لا يكون الوسط في البرهان على وجوده و وجود غيره و يسمى هذا
الاستدلال و البرهان باللم و طريقة الصديقين و لكن هذه المرتبة ليست موقوفة عليها
للتعليم و الإرشاد و النبوة و الرسالة بل هذه المرتبة كمال الإنسان بالقياس إلى
نفسه فقط و لا مدخلية لها للتعليم و إن كانت هذه المرتبة لا تنفك عن المرتبة
الثانية أيضا و هو السفر في الحق بالحق لأن التحقيق بحقيقة الحق مستلزمة لهذا و
لكن ليست هذه المرتبة موقوفة عليها للرسالة و التعليم بل الموقوف عليها فيهما هو
المرتبة الأولى و الثانية و هذه المرتبة منزلتها منزلة السفر الرابع و هو بالحق في
الخلق.
و كيفية انطباق الأسفار الأربعة المذكورة في الكتاب مع هذه المراتب
الأربع هكذا إن الأمور العامة و الجواهر و الأعراض المبعوث فيها عن أحوال
الموجودات- و الأعيان و الماهيات ظاهرة بأنها هو السفر الأول أي من الخلق إلى الحق
و الإلهي المبعوث فيه من إثبات الحق و صفاته و أسمائه و أفعاله هو السفر الثاني
الذي في الحق بالحق و لكن هذا السفر الثاني متضمن بالسفر الرابع أيضا الذي هو
بالحق في الخلق- كما لا يخفى على من تتبع البحث الإلهي لما ذكر فيه طريقة الصديقين
في إثبات واجب الوجود و الاستدلال بوجوده على وجود غيره من معلولاته و السفر
الثالث و هو سفر النفس و هو العلم بأحوال النفس من مبدإ تكونها إلى غاية رجوعها
إلى الحق من حد النقص إلى غاية الكمال و من حد الضعف إلى القوة و هو السفر الثالث
و هو من الحق إلى الخلق بالحق فافهم جميع ما ذكرناه.
انتهى ما أفاده العلامة ميرزا محمد حسن النوري بن الحكيم الإلهي
المولى علي النوري قدس الله أسرارهما في تحقيق الأسفار الأربعة السلوكية و كيفية
انطباقها على التي رتب المصنف كتابه عليها.
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 17