responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاشية على الإلهيات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 176

لا يوجب كونها أتم وساطة و لا أيضا كونها قليلا يوجب أن يكون أضعف توسطا بل الكل في درجة واحدة من معنى التوسط و في كونها واقعة بين طرفين مجاورين لها و هذه التمامية كما مر إنما يتصور في طبيعة عدد مخصوص لا بما هي طبيعة و أما من حيث طبيعة العدد على الإطلاق فلا تمامية لها أصلا إذ لا نهاية لها إذ ما من عدد إلا و أمكن فوقه عدد آخر يشتمل من جنس وحداته ما لم يوجد فيه فالعشرة تامة في العشرية ناقصة في العشرينية و غيرها مما هو فوق العشرية و اعلم أن لأهل الحساب استعمالا آخر للفظ التام و الناقص و الزائد فالتام كل ما يكون كسوره الصحيحة مساوية له كالستة فإن له نصفا هو الثلاثة و ثلثا هو الاثنان و سدسا هو الواحد و المجموع ستة لا غير و الناقص كل عدد يكون كسوره أزيد كالاثني عشر و الزائد ما هو بعكس الناقص كالسبعة ثم هاهنا بحث و هو أن التام عند الحكماء و هو الذي يوجد له من الوجود ما يليق به و لا يكون شي‌ء مما يمكن له مفقودا عنه إن كان من شرطه أن يكون ذلك له لذاته لا بسبب الغير فلم يكن المفارقات العقلية تامة و إن كان ذلك أعم مما يكون لذاته و بسبب الغير فلم يكن فوق التمام مختصا بالواجب جل ذكره فإن كلا من العقول يفيض عنه الوجود على غيره فكما أن كلا منها موجود بالحقيقة و إن كان بسبب الباري فكذلك كل منها فاعل بالحقيقة بإفادة الباري إياها و العجب من جماعة من المتأخرين قالوا بتوحيد الأفعال و أن لا مؤثر في الوجود إلا الله و لم يقولوا بتوحيد الوجود و لا يمكنهم إدراك هذا التوحيد كما عليه العرفاء الكاملون فإنه مدرك عزيز المنال حيث إن هذه الوحدة لا ينافي كثرة الوجودات المتخالفة الحقائق و الذوات فالأولى أن يراد بالتام و فوق التمام المعنى الأعم و يكون كل منهما حاصلا في الواجب و ما يتلوه من خلفاء الله و مقربيه كما أن الموجود شامل لهما لكن على وجه الشدة و الضعف قال الله تعالى‌ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً و الخليفة نائب للمستخلف يفعل ما يفعله لكن على وجه أضعف و إلا لم يكن خليفة فشأن العقول إفاضة فاضل وجودها على ما تحتها بعون الله و قوته فهي إذن فوق التمام مع أنها دون الأول بما لا يحيط به عقل‌ قوله و لفظ التمام و لفظ الكل و لفظ الجميع يكاد أن يكون متقاربة المعنى إلى آخره‌ هذا القول إلى آخره واضح المعنى غني عن الشرح على أنه ليس فيما اشتمل عليه من المعاني كثير فائدة يعنى بها و يليق إيرادها في هذا العلم الذي بالحري أن يذكر فيه خفيات العلوم الإلهية و دقائق المعارف البرهانية مما خص به الأولياء الكاملون و الحكماء الشامخون الراسخون في العلم و الحكمة الآخذون علومهم من مشكاة النبوة و الأعلام و نور الوحي و الإلهام بقوة الفكر و البرهان و قدم السلوك و الإيمان و كان الشيخ ضاعف الله قدره أراد أن يبسط في الكلام هاهنا جريا على عادته في المنطق و غيره من كتب الشفاء من إيراد المقاصد على سبيل من البسط و التفصيل و الشرح و التطويل و لم يحضره في الإلهيات مثل ما في غيرها فأورد فيها أمورا غير مهمة جمعها مع ما عنده من الأصول المهمة ليحصل من المجموع كثرة حجم و من القبيح للمتكلم في هذه العلوم أن يطول في إيساغوجي و باب قاطيغورياس و باريرميناس و غيرها حتى الشعر و الخطابة من الصناعات الخمس ثم إذا جاء و وصل إلى عظائم الأمور و حقائق الأسرار و الأنوار التي هي الغاية القصوى و العمدة الوثقى قصر و وقف و أهمل في إيراد كثير من المهمات فيها و أخطأ في بعض ما أورده من المواضع و الأبواب التي لا يسعه الإنسان إلا بإصابة الحق فيها و درك الصواب و يجب على الحكيم أن يكون أكثر اعتنائه بالأمور المهمة اتفق له الخروج إلى أمور غير مهمة كان زيادة لتحقيق القدر المهم [تحقيق القدر المهم لطالب السعادة زيادة] و كان سقراط معلم أفلاطن الإلهي مع جلالة شأنه في العلم و العرفان و سمو مكانه في الحكمة و البرهان مقتصرا على العلوم الإلهية مقصرا في التعليميات و غيرها معتذرا في آخر عمره بأني كنت مشتغلا بأشرف العلوم علما منه بأن ذلك هو الذي يصير به الإنسان مستحقا في الملكوت رتبة العالم العلوي صائرا من المقربين و أصحاب الارتقاء خليفة الله في الأرض و السماء

[المقالة الخامسة و فيها ثمانية فصول‌]

قوله المقالة الخامسة الغرض في هذه المقالة تحقيق وجود الكليات و أحوال الماهيات و هي الأمور التي يعرضها العموم و الاشتراك فرضا أو تحققا بالقوة أو بالفعل و أحكام كل واحد من أقسامها الخمسة من النوع و الجنس و الفصل و الخاصة و العرض العام و نحن قبل الخوض في شرح الفصول نذكر بعض القواعد و الأصول المحتاج إليها في هذا الباب مما ذكره هذا الشيخ في إيساغوجي موردا إياها على وجه التلخيص ليكون تذكرة و معينا على التحصيل موجبا للتسهيل لمن وفق له و التيسير على الطالب البصير لما خلق لأجله و هي هذه الأول أن الموجود من الأشياء إما إنيات أو ماهيات و الوجود كما علمت ليس مجرد المعنى الانتزاعي و أن الوجود هو بالحقيقة أمر بسيط و ليس بكلي و لا جنس و لا نوع و لا عام و لا خاص و لا جزئي مندرج تحت ذاتي لبساطته و أما الماهية فالمراد به المعنى الكلي و المفهوم الذي من شأنه أن يعرضه الكلية و أقسامها إذا كانت في الذهن و قد اختلف في أنها هل هي موجودة أم لا و الفلاسفة على أنها موجودة و المتكلمون على أنها غير موجودة و لكل من الطرفين دلائل و حجج و الحق عندنا أنها موجودة بالعرض تابعة للوجود في الجعل و الموجودية إذ المجعول بالذات و الصادر بالحقيقة ليس إلا أنحاء الوجودات و هي الموجودة بالذات لكن كل وجود يصدق عليه و يتحد به عدة من المفهومات بعضها في مرتبة الهوية الوجودية و يقال له الذاتي مشتركا كان أو مخصوصا و بعضها في مرتبة متأخرة عنها و يقال له العرضي عاما كان أو خاصا الثاني‌

نام کتاب : الحاشية على الإلهيات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست