نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 72
لا ينافي كونه تعالى قائما بالقسط و العدل و الجود و الكرم أزلا و
أبدا.
و ربما توهموا أن مختاريته تعالى أوجبت تجدد الفاعلية و استيناف
الفعل بعد ما لم يكن. و هذا أيضا من تلفيقات الأوهام و مختلقات الذهن التي من قبيل
أضغاث الأحلام، فإن اختياره جل ذكره أجل و أرفع من النمط الذي تصوروه من طرفي
الجبر و الاختيار، إذ لم يفهم جمهورهم من الجبر إلا في الطبائع العديمة الشعور، و
لا من الاختيار إلا في القصد الذي يكون في الحيوان بعد حصول الداعي عقيب القدرة
التي شأنها القوة الإمكانية المتساوية نسبتها إلى الضدين و الطرفين، و هذه لا يوجد
إلا في الناقصين في القدرة المفتقرة في كونها مبدأ للفعل إلى انضمام الداعي من الخارج.
و أما القدرة الأزلية فليست كما زعموه و جلت و تقدست عما اعتقدوه في حقها، لأنها
عين الإرادة و عين الداعي الذي هو علمه تعالى بالكل على الوجه الأتم الأعلى، فهو
تعالى بنفسه قادر مريد خالق لما يشاء كيف يشاء فاعل لما يريد كيف يريد فكان خالقا
لم يزل و لا يزال، فاعلا للعالم كما يعلم في الآباد و الآزال، فيكون الخلق قديما و
المخلوق حادثا و العلم قديما و المعلوم متجددا، و كذا الإرادة و الإفاضة و
الرازقية كلها مستمرة أزلية، لكن المرادات و المفاضات و الأرزاق حادثة متجددة «وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا»*لعدم تغيره في ذاته و كمالات ذاته و ما يقتضيه صفاته الكمالية «وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا»إذ لا محول لفيضه و إعطائه و لا مبطل لقيوميته و إنشائه و لا مبدل
لكلماته. قوله: «لاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ»و قوله: «مايُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ»و قد علمت أن قوله إبداعه و أمره كلمته و تكوينه.
و قوله: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ
وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ»و أمره دائم، و
الأمر الدائم لا يتغير و لا يوجب تغير المأمور في ذاته تغير الأمر، كما لا يوجب تغير
الأمر لأن الأمر من عالم الإلهية و البقاء و المأمور من عالم الخلق و الفناء و
الدثور.
و إياك أن تشتبه عليك و تلتبس ما قررناه من تجدد الخلق و التكوين مع
بقاء الأمر و الإبداع بكلام الأشاعرة، أتباع أبي الحسن الأشعري، حيث قالوا:
إن العلم قديم و التعلق حادث و كذا القدرة قديمة و تعلقها بالمقدورات
حادثة
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 72