نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 208
الباطنية، و يعلم بها حقها من باطلها، و يوزن بها نقود الحقائق
العقلية و جواهر الصور الإدراكية، ليميز رائجها في سوق الآخرة من زيفها و خالصها
من مغشوشها، و علمنا بتعليم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كيفية الوزن به و
معرفة أقسامه الخمسة و تميز مستقيمها عن مائلها، حيث قال:وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ*،فمن يعلم هذه الموازين الخمسة التي أنزلها في كتابها المنزل على
رسوله و علم بها أنبيائه و عباده الصالحين فقد اهتدى، و من عدل عنها و عمل بالرأي
و التخمين فقد ضل و غوى و تردى إلى الجحيم.
فإن قلت: أين ميزان العلوم في القرآن و هل هذا إلا إفك و بهتان،
قلنا: أ لم تسمع قوله تعالى في سورة الرحمن،الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ
الْبَيانَإلى أن قال:وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ
الْمِيزانَ ...وَ أَقِيمُوا
الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَ لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ،أ لم تسمع في سورة الحديد:لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ
الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ،أ تزعم أيها العاقل أن الميزان المنزل من عند اللّه مع إنزال الكتاب
المقرون اسمه باسم الكتاب هو ميزان البر و الشعير و الأرز و الأقط[1]و غيرها؟
أ تتوهم أن الميزان المقابل وضعه لرفع السماء هو القبان و الطيار و
أمثالهما، ما أبعد هذا الحسبان، و ما أسخف هذا البهتان، و اتق اللّه يا أخي و لا
تتعسف في باب التأويل و اترك الجهالة و اللجاج «إِنِّيأَعِظُكَ
أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ».
و اعلم أن هذا الميزان برهان معرفة اللّه و صفاته و أفعاله و ملائكته
و كتبه و رسله و ملكه و ملكوته، ليعلم كيفية الوزن به تعليما من قبل أنبيائه عليهم
السلام كما تعلم الأنبياء من ملائكته، فاللّه هو المعلم الأول، و المعلم الثاني
جبرئيل، و ثالث المعلمين هو الرسول صلى اللّه عليه و آله، و أول من استعمل هذا
الميزان بتعليم اللّه و تعليم جبرئيل هو أب الأنبياء و شيخهم إبراهيم الخليل ثم
سائر الأنبياء إلى ابنه المقدس محمد صلى اللّه عليه و آله و قد