نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 187
استقامت طريقته و صلحت سريرته ملكا مقربا ملتذا بلقاء اللّه تعالى و
قربه، و إن اعوجت سبيله و انسلخت فطرته فيصير مطرودا عن باب اللّه معذبا عذابا
أليما، و معلوم أن في الاستحالات و الانقلابات الطبيعية كان له ذهاب من طور أدنى
إلى طور أعلى، و كان كلما انخلع عنه صورة ناقصة تلبس بما هو أعلى منزلة و أجود من
الأولى، و كان له في كل موت حياة جديدة أشرف من الحياة السابقة، فهكذا ينبغي أن
يتحرى في مذهب نفسه في العلم و العمل، فلا يروم أن يرقى إلى درجة من الكمال إلا و
يخلع عن نفسه آراء و أخلاقا و عاداتا كانت مألوفة له معتادا بها أولا، حتى يمكنه
أن يفارق الصور البشرية كلها و يصعد إلى ملكوت السماء و يجازي هناك بأحسن الجزاء،
و يكون «مَعَالَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ
أُولئِكَ رَفِيقاً».
(2) قاعدة في الحشر
اعلم أن الزمان علة التعاقب و التسابق في الوجود، و المكان علة
التكثر و الافتراق في الحضور، فهما سببان لاختفاء الموجودات بعضها عن بعض، فإذا
ارتفعا في القيامة ارتفعت الحجب بين الخلائق فيجتمع الخلائق كلهم الأولون و
الآخرون، «قُلْإِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ
لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ»،فهو يوم الجمع
«يَوْمَيَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ
يَوْمُ التَّغابُنِ»،و بوجه آخر هو
يوم الفصل، لأن الدنيا دار الاشتباه و الاختلاط، متشابك فيها الحق مع الباطل، و
يتخالط فيها الوجود و العدم و الخير و الشر و الخبيث و الطيب، و في الآخرة يتفرق
المتخالفات لقوله:يَوْمَ
تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ،و فيها يتميز المتشابهون لقوله،لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِالآية، و ينفصل الخصمان لقوله،لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَ
الْباطِلَ،و قوله:
لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ
بَيِّنَةٍ،و لا منافاة
بين هذا الفصل و ذلك الجمع، بل هذا يوجب ذاك كما قال:هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَ الْأَوَّلِينَ،و الحشر أيضا بمعنى الجمع قوله:وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ
مِنْهُمْ أَحَداً.
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 187