نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 143
المعاني الروحانية و أدونها، لأنها جسمانية الحدوث روحانية البقاء، و
أنها إنما تحدث بسبب استعداد البدن، و تبقى بسبب ملكات نفسانية راسخة تصير صورة
ذاته، و تخرج بها من القوة إلى الفعل، لأنها في أول الحدوث أمر بالفعل في هذه
النشأة الطبيعية، و هي بعينها أمر بالقوة في النشأة الآخرة، فهي صورة في هذا
العالم و هيولى في عالم آخر، فلها أن تخرج ذاتها من القوة إلى الفعل بواسطة حركات
و استحالات نفسانية تستعد بها لصورة من أجناس الصور الأخروية و تتحد بها، و تصير
ذاتها بعينها كالهيولى للأجسام الطبيعية أن يخرج من القوة إلى الفعل بواسطة حركات
جسمانية تستعد بها لصورة من أجناس الصور الدنياوية و يتحد بها، كما هو التحقيق من
الاتحاد بين المادة و الصورة، و كما أن اللّه خلق في هذا العالم من المادة
الجسمانية أنواعا من الحيوانات كالسباع و البهائم و الوحوش و الحيات و العقارب و
غيرها، فكذلك يخلق في الآخرة من المادة النفسانية من الإنسان أنواعا من المخلوقات
كالملك و الشيطان و السبع و البهيمة و كل نوع من أنواع الحيوانات، و هي كلها
مخلوقة من النفس الإنسانية، و الإنسان نوع واحد في هذا العالم، كما قال تعالى:إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ*،و ستصير أنواعا من أجناس كثيرة متخالفة، و في
القرآن آيات كثيرة دالة على ما ذكرناه من التحقيق، و هو مما ألهمنا اللّه به خاصة
من بين أهل النظر و لم أجد في كلام أحد من الحكماء و غيرهم، و الحمد للّه العزيز
الوهاب الذي شرفنا به من بين الأصحاب، منها قوله تعالى:وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ
بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَو قوله:يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ
أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ،و
قوله:وَ ما كانَ النَّاسُ
إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا، وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ
رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.
يعني حكم عليهم في الدنيا بما هو مقتضى صور قلوبهم و ظهورها في
الخارج و تشكل أبدانهم بأشكال مناسبة لهيئات نفوسهم كما في الآخرة، و قوله:وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ
أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ
لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ،و قوله:أَ
فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 143