نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 139
(10) قاعدة في تفاوت أفراد الناس و اختلافهم
الأشياء كلها متساوية غير متفاوته من حيث إنها مصنوعة بحكمة صانع
واحد حكيم، و على ذلك نبه بقوله تعالى:ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ،و ذلك لاشتراكها بقبول فيض الرحمة و الجود، و
لاتفاقها في التوجه إلى جانب الحق المعبود، و لكن يختلف من حيث إن كل نوع يختص
بمعنى معين و حد محدود، بعد اتفاقها في الاتصاف بالوجود، فاختلاف الماهيات أنما
نشأ من اختلاف مراتبها في القرب و البعد من منبع الوجود و معدن الفيض و الجود، و
كذلك يختلف أفراد ماهية واحدة بعد اتفاقها في النوع بأمور لاحقة لها مخصصة لأفرادها،
ثم لا شيء من أفراد نوع واحد أكثر اختلافا و تفاوتا من أفراد البشر، كما قال
تعالى:وَ قَدْ خَلَقَكُمْ
أَطْواراً،و قال:وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ
دَرَجاتٍ،و قال:انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ
عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا.
و اعلم أن اختلاف أفراد الإنسان بحسب هذه النشأة اختلاف بالعوارض، و
بحسب النشأة الآخروية اختلاف بالذاتيات، و تحقيق ذلك موكول إلى بعض كتبنا، و سنشير
إليه فيما سيأتي من أحوال المعاد، و قال:
و اعلم أن الحكمة مقتضية لاختلاف الناس في هذه النشأة، و ذلك لأن
الإنسان لما كان غير مكفي بتفرده لأن يعيش، حتى لو أن إنسانا حصل وحده لامتنع أو
تعذر بقاؤه أدنى مدة، فإن أول ما يحتاج إليه ما يغذوه و ما يواريه، و ليس يجد ما
يغذوه مطبوخا، و لا ما يواريه مصنوعا، كما يكون لكثير من الحيوانات بل هو مضطر إلى
إصلاحهما، و إصلاح شيء منهما يحوجه إلى آلات غير مفروغ عنها، و الإنسان الواحد لا
توصل له إلى إعداد جميع ما يحتاج لتعيش به المعيشة الحميدة، فلم يكن بد للناس ممن
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 139