و ثانيا: أنّ نقيض
الواحد واحد 14، و أن لا واسطة بين النقيضين.
و ثالثا: أنّ التناقض
بين التصوّرين مرجعه إلى التناقض بين التصديقين 15، كالتناقض بين الإنسان و
اللّاإنسان، الراجعين إلى وجود الإنسان و عدمه، الراجعين إلى قولنا: الإنسان موجود
و ليس الإنسان بموجود.
تنبيه: [في السوفسطيّ]
السوفسطيّ- و هو المنكر
لوجود العلم مطلقا 16- لا يسلّم قضيّة اولى الأوائل؛ إذ لو
14- قوله قدّس سرّه:
«أنّ نقيض الواحد واحد»
و إلّا لزم ارتفاع
النقيضين؛ فإنّ كلّا من تلك الامور المتكثّرة يرتفع عنده النقيضان؛ فإذا كان ل
«الف» نقيضان: «ب» و «ج»، لزم كون كلّ من «ب» و «ج» مرتفعا عنه النقيضان؛ فإنّ «ب»
يرتفع عنه «الف» و «ج» و هما نقيضان، و «ج» أيضا يرتفع عنه «الف» و «ب» و هما
نقيضان. و بنظير البيان يعلم أن لا واسطة بين النقيضين، و إلّا لزم ارتفاع
النقيضين عند الواسطة.
15- قوله قدّس سرّه:
«التناقض بين التصوّرين مرجعه إلى التناقض بين التصديقين»
إذ التناقض إنّما هو بين
الإيجاب و السلب، و التصوّر بما هو لا إيجاب فيه و لا سلب، و ذلك أنّ كلّ تصوّر لا
بشرط بالنسبة إلى كلّ من الإيجاب و السلب. يدلّ على ذلك أنّ الإنسان كما يقع
موضوعا لأحكام ثبوتيّة، يمكن أن يقع موضوعا لسلوبها. فالإنسان و اللّاإنسان مثلا
بما هما تصوّران، لا يتفاوت فيهما الأمر سواء كان الإنسان موجودا أم معدوما.
16- قوله قدّس سرّه:
«السوفسطيّ و هو المنكر لوجود العلم مطلقا»
فإنّ السوفسطيّ و إن كان
في الظاهر منكرا للواقع الخارجيّ، و لكنّ السوفسطيّ في الحقيقة هو الذي ينكر
العلم، كما يستفاد ذلك من أدلّة السوفسطائيّين أيضا. و ذلك لأنّ في إنكار
الواقعيّة دعوى للعلم بعدم وجود الواقعيّة، فهو في الحقيقة إثبات لواقعيّات؛ إذ لا
تنفكّ هذه الدعوى عن إثبات واقعيّة العلم و العالم و كون العلم غير كاشف عن
الواقع. و بعبارة اخرى: السوفسطيّ و إن كان في بادىء الأمر يدّعي العلم بعدم وجود
واقع خارجيّ، إلّا أنّه بعد الإلتفات إلى أنّ في هذه-