الفصل التاسع ينقسم
العلم الحصوليّ إلى بديهيّ و نظريّ
البديهيّ- و يسمّى
ضروريّا أيضا- ما لا يحتاج في حصوله إلى اكتساب و نظر 1، كتصوّر مفهوم الوجود، و
الشيء 2 و الوحدة، و التصديق بأنّ الكلّ أعظم من جزئه،
1- قوله قدّس سرّه: «ما
لا يحتاج في حصوله إلى اكتساب و نظر»
و كما أنّه لا يحتاج إلى
اكتساب و نظر، كذلك بداهته و عدم حاجته إلى اكتساب و نظر لا تحتاج إلى اكتساب و
نظر؛ لأنّ بداهة جميع البديهيّات من الوجدانيّات. فالقضيّة «الكلّ أعظم من جزئه»
بديهيّة أوليّة، و قضيّة «أنا مسرور بلقائك» وجدانيّة، و قضيّة «الأربعة ثلث
الاثنى عشر» فطريّة مثلا. و إذا جعلنا كلّا من هذه القضايا موضوعا، و حملنا عليه
قولنا: «بديهيّ» حصلنا على ثلاث قضايا، كلّها من الوجدانيّات.
قوله قدّس سرّه: «ما لا
يحتاج في حصوله إلى اكتساب و نظر»
لا يخفى عليك: أنّ
البديهيّ كما عرّفه المصنّف قدّس سرّه ما لا يحتاج إلى نظر، و إن كان قابلا
للإثبات بطريق النظر. و بعبارة اخرى: البديهيّ قسمان: قسم لا يمكن الاستدلال عليه
بحيث لو فرض أنه أنكره منكر لم يكن لنا طريق إلى إثباته- مثل استحالة اجتماع
النقيضين، و أصل العليّة، و وجود الواقعيّة العينيّة، و كشف العقل البشريّ عن
الواقع- و قسم يمكن أن يستدلّ عليه، فلو أنكره منكر أمكن الإتيان بحّجة تثبته. و
عندئذ تكون الحجّة في الحقيقة تنبيها على أمر بديهيّ. مثل مسألة أصالة الوجود التي
يمكن أن يعبّر عنها بقولنا: «الوجود موجود» فإنّ هذه القضيّة بديهيّة أوليّة و لكن
تفرض مجهولا و يستدلّ، و قد مرّ من المصنّف قدّس سرّه في الفصل الخامس من المرحلة
الاولى قوله: «و قد عدّ الشيخ امتناع إعادة المعدوم بعينه ضروريّا. و قد أقاموا
على ذلك حججا هي تنبيهات بناء على ضروريّة المسألة» انتهى.