الثالث: أنّه كما تنقسم الحركة إلى أقسام 12، لها حدود مشتركة، و بينها
فواصل غير موجودة إلّا بالقوّة 13، و هي الآنيّات؛ كذلك الزمان ينقسم إلى أقسام
لها حدود مشتركة، و بينها فواصل غير موجودة إلّا بالقوّة، و هي الآنات. فالآن طرف
الزمان، كالنقطة التي هي طرف الخطّ؛ و هو أمر عدميّ، حظّه من الوجود انتسابه إلى
ما هو طرف له. 14
و من هنا يظهر أنّ تتالي
الآنات ممتنع، فإنّ الآن ليس إلّا فاصلة عدميّة بين قطعتين من الزمان، و ما هذا
حاله لا يتحقّق منه اثنان إلّا و بينهما قطعة من الزمان. 15
12- قوله قدّس سرّه:
«كما تنقسم الحركة إلى أقسام»
أي: كما تتجزّأ الحركة إلى
أجزاء. فالمراد من القسمة هي القسمة الطبيعيّة، لا القسمة المنطقيّة.
13- قوله قدّس سرّه:
«بينها فواصل غير موجودة إلّا بالقوّة»
أي: بين الأقسام فواصل،
فإنّ الفاصلة ليست إلّا نفس الحدّ المشترك، و لكنّها سمّيت فاصلة باعتبار أنّها
تفصل بين جزئين.
فالجمع بين قوله قدّس
سرّه: «لها حدود مشتركه» و قوله قدّس سرّه: «بينها فواصل» لا يخلو عن إيهام، فكان
الأولى تركه.
قوله قدّس سرّه: «بينها
فواصل غير موجودة إلّا بالقوّة»
بحسب الانقسام الوهميّ، و
أمّا الانقسام الفكّي فكما لا يكون بالفعل لا يكون بالقوّة أيضا؛ فالفواصل غير
موجودة إلّا بحسب الوهم.
14- قوله قدّس سرّه: «هو
أمر عدميّ حظّه من الوجود انتسابه إلى ما هو طرف له»
لا يخفى: أنّ النقطة و إن
كانت نفاد الخطّ إلّا أنّها طرف للخطّ. و إذا كان الخطّ متناهيا، فهي موجودة حقيقة
في الخارج، و إن كانت نفادا للخطّ، أي لم يكن عندها وجود للخطّ، و هذا كما أنّ
الخطّ نفاد للسطح و هو أمر موجود في الخارج، نعم النقطة ليست بمقدار. فراجع شوارق
الإلهام ص 393 ط. اصفهان.
15- قوله قدّس سرّه: «لا
يتحقّق منه اثنان إلّا و بينهما قطعة من الزمان»