دفعيّ الوقوع، فلا ينطبق
عليه حدّ الحركة التي هي سيلان الوجود و تدرّجه.
و أمّا ما تقدّم أنّ
الحركة تنتهي من الجانبين إلى مبدأ و منتهى 8، فهو تحديد لها بالخارج من نفسها؛
فتنتهي حركة الجوهر من جانب البدء إلى قوّة لا فعل معها، إلّا فعليّة أنّها قوّة
لا فعل معها، و هي المادّة الاولى؛ و من جانب الختم إلى فعل لا قوّة معه 9، و هو
التجرّد؛ و سنزيد هذا توضيحا إن شاء اللّه. 10
جهة أخرى؛ كالخطّ الّذي هو
مبدء للسطح، و لا ينقسم من جهة أنّه سطح، و إن انقسم من جهة أنّه خطّ. و ذلك لأنّه
لو انقسم المبدء من جهة ذلك الأمر الممتدّ، كان له مبدء هو الجزء الأوّل منه، و
هكذا الكلام في ذلك الحزء الأوّل؛ و يتسلسل فلا يوجد مبدء. و هكذا الكلام في
المنتهى.
فمبدء الحركة- و كذا
منتهاها- ليس منها، لأنّ كلّ جزء مفروض من الحركة قابل للانقسام من جهة الحركة.
بل مبدء الحركة و منتهاها
أمران خارجان عنها، و هما القوّة و الفعل اللذان تتحقّق الحركة بينهما.
8- قوله قدّس سرّه:
«أمّا ما تقدّم أنّ الحركة تنتهي من الجانبين إلى مبدأ و منتهى»
لا يخفى: أنّه لم يبرهن
على وجود المبدء و المنتهى لكلّ حركة. و نقول: إذا كانت الحركة هي الوجود السيّال
المتدرّج، فلا ضرورة في وجود المبدء أو المنتهى لها؛ إذ الوجود السيّال بما هو
وجود سيّال لا يقتضي ذلك، بل يمكن أن يكون أزليّا و أبديّا. و بعبارة أخرى: الحركة
بما هي حركة لا تستلزم وجود مبدء و منتهى لها. نعم! المبدء و المنتهى يلزمان
الحركة التي تكون محدودة، من جهة أنّها محدودة، لا من جهة أنّها حركة.
فمن أراد أن يثبت وجود
المبدء و المنتهى لكلّ حركة فعليه أن يثبت أوّلا محدوديّة جميع الحركات، و إن كان
لا يثبت بذلك أيضا لزوم المبدء و المنتهى للحركة بما هي حركة.
قوله قدّس سرّه: «ما
تقدّم»
في الفصل الثالث من هذه
المرحلة.
9- قوله قدّس سرّه: «لا
قوّة معه»
هذا هو الصحيح، بخلاف ما
في النسخ من قوله قدّس سرّه: «لا قوّة معها».
10- قوله قدّس سرّه:
«سنزيد هذا توضيحا إن شاء اللّه»