الشيء الممكن؛ لأنّه
يتّصف بالشدّة و الضعف، و القرب و البعد؛ فالنطفة، التي فيها إمكان أن تصير إنسانا
3، مثلا، أقرب إلى الإنسان الممكن من الغذاء 4 الّذي يمكن أن يتبدّل نطفة ثمّ يصير
إنسانا؛ و الإمكان في النطفة أيضا أشدّ منه في الغذاء مثلا.
ثمّ إنّ هذا الإمكان
الموجود في الخارج ليس جوهرا قائما بذاته، و هو ظاهر 5؛ بل
معنى عقليّ لا يتّصف بشدّة
و ضعف و لا قرب و بعد، و موضوعه الماهيّة من حيث هي، و لا يفارق الماهيّة موجودة
كانت أم معدومة، بخلاف الثاني الّذي هو صفة وجوديّة، يقبل الشدّة و الضعف و القرب
و البعد من الفعليّة، و موضوعه المادّة الموجودة و يبطل منها بوجود المستعدّ له.
فتبيّن ممّا ذكرنا: أنّ في
الاستدلال مغالطة ناشئة من اشتراك الاسم.
3- قوله قدّس سرّه:
«فالنطفة التي فيها إمكان أن يصير إنسانا»
أي: فإنّ النطفة التي فيها
...؛ فالفاء للسببيّة.
4- قوله قدّس سرّه:
«الغذاء»
في مجمع البحرين و غيره من
كتب اللغة: الغذاء ككتاب: ما يغتدى به من الطعام و الشراب.
5- قوله قدّس سرّه: «هو
ظاهر»
استدلّ في الأسفار على
عرضيّته بأنّ الإضافة مقوّمة له- لأنّه منسوب إلى ما هو إمكان وجوده، و هو
المستعدّ له- و الجوهر لا يقوّمه العرض، فهو عرض.
و قال قدّس سرّه في
تعليقته على الشفاء ص 172: «و ليس الإمكان طبيعة تقوم بذاتها، إذ لو كان كذلك لما
اتّصف بها شيء، فإنّه ما كان اتّصاف بعض الأشياء بإمكان واحد قائم بذاته أولى من
غيره. و لا يصحّ أن يكون شيء واحد تارة يقوم بنفسه و تارة يحدث في محلّ فيحلّ
فيه، لما برهن أنّ المستغنى عن المحلّ لا يتصوّر أن يحلّ أبدا. و أيضا الإمكان كما
مرّ معنى إضافيّ و الّذي يقوم بنفسه ليس بمضاف.» انتهى.
و قال الشيخ في الفصل
الثاني من المقالة الرابعة من إلهيّات الشفاء ط. مصر، ص 182:
«... و كلّ ما هو قائم لا
في موضوع فله وجود خاصّ لا يجب أن يكون به مضافا. و إمكان الوجود إنّما هو
بالإضافة إلى ما هو إمكان وجود له. فليس إمكان الوجود جوهرا لا في موضوع، فهو إذن
معنى في موضوع و عارض لموضوع.» انتهى.