على مبدء الانفعالات
الصعبة 4، أعني كون الشيء بحيث يصعب انفعاله، بتوهّم أنّ الانفعال أثر موجود في
مبدئه 5، كما أنّ الفعل و التأثير أثر موجود في الفاعل. ثمّ توسّعوا فأطلقوا القوّة
علي مبدء الانفعال و لو لم يكن صعبا، لما زعموا أنّ صعوبة الانفعال و سهولته سنخ
واحد تشكيكيّ 6، فقالوا: إنّ في قوّة الشيء الفلانيّ أن يصير كذا، و أنّ الأمر
الفلانيّ فيه بالقوّة. هذا ما عند العامّة.
و لمّا رأى الحكماء أنّ
الحوادث الزمانيّة من الصور و الأعراض إمكانا قبل وجودها، منطبقا على حيثيّة
القبول التي تسمّيه العامّة قوّة، سمّوا الوجود الّذي
كان الأولى أن يقول قبله:
ثمّ توسّع في معناها فاطلقت على مبدء الفعل مطلقا، و إن لم يكن صعبا.
و ذلك لأنّ من معاني
القوّة مبدء الفعل مطلقا، كما سيصرّح قدّس سرّه به في خاتمة هذه المرحلة.
و الظاهر أنّه مقدّم على
ما ذكره من المعاني اللاحقة.
4- قوله قدّس سرّه:
«فاطلقت على مبدء الانفعالات الصعبة»
كالصلابة. و بهذا المعنى
اطلقت القوّة على قسم من الكيفيّات الاستعداديّة، أي: الّذي يقابله اللاقوّة، و قد
مرّ في الفصل الرابع عشر من المرحلة السادسة.
5- قوله قدّس سرّه:
«بتوهّم أنّ الانفعال أثر موجود في مبدئه»
و قد مرّت- في الفصل
العاشر من المرحلة الثامنة- المناقشة فيه، و أنّه ليس الانفعال أثرا و فعلا صادرا
عن القابل.
6- قوله قدّس سرّه: «لما
زعموا أنّ صعوبة الانفعال و سهولته سنخ واحد تشكيكيّ»
وجه التعبير بالزعم هو:
أنّهم لم يلتفتوا إلى أنّ الوجه في تسمية صعوبة الانفعال قوّة ليس هو الانفعال، بل
إنّما هو صعوبته، ففي الحقيقة إنّما سمّيت قوّة لما فيها من المقاومة و عسر
الانفعال. فإنّ القوّة- كما مرّ في الفصل الرابع عشر من المرحلة السادسة- هي
الاستعداد الشديد على أن لا ينفعل، في مقابل اللاقوّة و الضعف الّذي هو الاستعداد
الشديد على الانفعال.
و إذا كان كذلك فلا يبقى
موقع لتوسعة معناها إلى الانفعال.