أمور 22 خيرها غالب على
شرّها، فهي غايات بالقصد الثاني، و الغايات بالقصد الأوّل هي الخيرات الغالبة
اللازمة لهذه الشرور. و تفصيل الكلام في هذا المعنى في بحث القضاء. 23
فمثل الطبيعة في أفعالها
التي تنتهي إلى هذه الشرور مثل النجّار يريد أن يصنع بابا من خشبة، فيأخذ بالنحت و
النشر، فيركّب و يصنع، و لازمه الضروريّ إضاعة مقدار من الخشبة بالنشر و النحت، و
هي مرادة له بالقصد الثاني بتبع إرادته لصنع الباب.
الحجّة الثالثة: أنّ
الطبيعة الواحدة تفعل أفعالا مختلفة 24، مثل الحرارة، فإنّها تحلّ الشمع 25 و تعقد
الملح، و تسوّد وجه القصّار و تبيّض وجه الثوب.
و اجيب عنها بأنّ
الطبيعة الواحدة لا تفعل إلّا فعلا واحدا له غاية واحدة 26، و
22- قوله قدّس سرّه:
«فهي أمور»
أي: فهي غايات أمور. كما
لا يخفى.
23- قوله قدّس سرّه:
«تفصيل الكلام في هذا المعنى في بحث القضاء»
في الفصل الثامن عشر من
المرحلة الثانية عشرة.
24- قوله قدّس سرّه:
«أنّ الطبيعة الواحدة تفعل أفعالا مختلفة»
و الأفعال المختلفة تنتهي
إلى أمور مختلفة، فيعلم أنّ ما ينتهي إليه الفعل ليست غاية للطبيعة في شيء منها؛
لأنّ الغاية لا تكون إلّا ما له رابطة ضروريّة بذي الغاية، و إذا اختلفت الغايات
لم تكن بين شيء منها و بين الطبيعة رابطة ضروريّة بالضرورة.
25- قوله قدّس سرّه:
«فإنّها تحلّ الشمع»
الشمع بفتحتين، و هو ما
تفزره النحل و تصنع منه بيوتها المسدّسة و تحفظ فيه عسلها.
و في اللسان عن ابن سيدة:
«الشمع و الشمع لغتان فصيحتان» بالتحريك و يسكّن (أقرب الموارد، المعجم الوسيط).
26- قوله قدّس سرّه:
«الطبيعة الواحدة لا تفعل إلّا فعلا واحدا له غاية واحدة»
فالحرارة لا فعل لها إلّا
جعل مجاورها حارّا، على ما مرّ في الكيفيّات المحسوسة من أنّ