بالتبع. 53 و إن كان
مجرّدا عن المادّة ذاتا و فعلا، فهو كامل في نفسه، غير مستكمل
أي: بما أنّه فاعل بالفعل،
فإنّ الغاية هي اتّصاف ذات الفاعل بالفاعليّة الفعليّة بعد ما كان فاعلا بالقوّة.
53- قوله قدّس سرّه: «فهو
مستكمل بها بالتبع»
فاستقرار الطعام- في الفم
أو المعدة- الّذي هو غاية للأكل ينتهي إليها، ليس إلّا غاية بالعرض؛ و أمّا الغاية
بالذات فهو الفاعل بما أنّه صار شبعان.
قوله قدّس سرّه: «فهو
مستكمل بها بالتبع»
أي: بالعرض. و كذا في ما
يأتي بعد أسطر.
يدلّ على ما ذكرنا أمور:
الأوّل: أنّ الأمر المباين
الخارج عن هويّة الشيء لا يكون كمالا له.
الثاني: أنّه في ذيل تنبيه
هذا الفصل يشير إلى ما ذكره هيهنا و يجعل ما بالتبع مقابلا لما بالحقيقة.
الثالث: أنّ صدر
المتألّهين قدّس سرّه عطف في هذا المقام قوله: «على سبيل التبعيّة» على قوله:
«ما هو بالعرض»، حيث قال
قدّس سرّه في الأسفار ج 2، ص 264:
«ما وجد كثيرا في كلامهم
من أنّ العالي لا يريد السافل و لا يلتفت إليه، و إلّا لزم كونه مستكملا بذلك
السافل، لكون وجوده أولى له من عدمه، و العلّة لا تستكمل بالمعلول، لا يضرّنا و لا
ينافي ما ذكرناه؛ إذ المراد من المحبّة و الالتفات المنفيّين عن العالي بالنسبة
إلى السافل هو ما هو بالذات و على سبيل القصد، لا ما هو بالعرض و على سبيل
التبعيّة. فلو أحبّ الواجب تعالى فعله و أراده لأجل كونه أثرا من آثار ذاته و رشحا
من رشحات فيضه وجوده، لا يلزم من إحبابه تعالى لذلك الفعل كون وجوده بهجة و خيرا
له تعالى، بل بهجته إنّما هي بما هو محبوبه بالذات، و هو ذاته المتعالية التي كلّ
كمال و جمال رشح و فيض من كماله و جماله ... و الغرض أنّ محبّة اللّه تعالى للخلق
عائدة إليه، فالمحبوب و المراد بالحقيقة نفس ذاته تعالى لذاته، كما أنّك إذا أحببت
إنسانا فتحبّ آثاره لكان محبوبك بالحقيقة ذلك الإنسان.» انتهى.