و الحقّ هو التفصيل 3
بين ما كان القبول فيه بمعنى الانفعال و الاستكمال الخارجيّ، 4 فلا يجامع القبول
الفعل في شيء واحد بما هو واحد، و ما كان القبول فيه
الأنواع المادّيّة هي
أنواع الأجسام، فإنّها هي المركّبة من مادّة و صورة نوعيّة. تفعل بصورها النوعيّة-
على ما مرّ إثباته في الفصل السابع من المرحلة السادسة، من أنّه لا يجوز عند العقل
استناد الآثار القائمة بالأجسام إلّا بجواهر مقوّمة لها، و هي الصور النوعيّة- و
تقبل بموادّها؛ لأنّ القبول و الانفعال ليس إلّا من شأن المادّة على ما تقتضيه
الأدلّة التي أقيمت على وجود الهيولى و المادّة.
3- قوله قدّس سرّه:
«الحقّ هو التفصيل»
و هذا القول هو الّذي ذهب
إليه الحكيم القدّوسي المحقّق الفيض الكاشاني قدّس سرّه في أصول المعارف ص 69 حيث
قال: «الشيء الواحد يمتنع أن يكون فاعلا و قابلا لأمر واحد فعلا و قبولا
تجدّديّين؛ للتقابل البيّن بين القوّة و الفعل من جهة واحدة؛ و لامتناع كون معطي
الكمال قاصرا عنه؛ و لأنّ الشيء لو كان مبدأ لثبوت صفة أو معنى لنفسه لدامت تلك الصفة
أو ذلك المعنى له، ما دام ذاته موجودة، و متى كان كذلك لم يكن متغيّرا، فمبدء
تغيّر الشيء لا بدّ و أن يكون غيره لا محالة. و أمّا الاتّصاف اللزوميّ فيجوز أن
يكون المبدء و القابل فيه واحدا، و ذلك كمبدئيّة الماهيّات للوازمها و قبولها
إيّاها.» انتهى.
4- قوله قدّس سرّه: «ما
كان القبول فيه بمعنى الانفعال و الاستكمال الخارجيّ»
و لا يخفى عليك: أنّ
القبول بهذا المعنى هو القبول بمعناه الحقيقيّ، كما يلوح ذلك من كلمات الحكيم
السبزواريّ قدّس سرّه في تعليقته على الأسفار ج 6، ص 49، و أمّا القبول بمعنى
الاتّصاف و الموصوفيّة فهو إنّما هو معنى مجازيّ للقبول.
ثمّ لا يخفى عليك أيضا:
أنّ الفاعليّة في القسم الأوّل فاعليّة حقيقيّة، لتعدّد الفعل و الفاعل و تغايرهما
وجودا. و أمّا الفاعليّة في القسم الثاني، كما في فاعليّة الماهيّات للوازمها و
فاعليّة الواجب تعالى لصفاتها، فهي فاعليّة تجوّزيّة؛ لأنّ لوازم الماهيّة عينها
في الوجود، و صفاته تعالى عين ذاته، فلا تعدّد في الخارج و لا تغاير، فلا علّيّة
حقيقيّة؛ إذ العلّة و المعلول متضائفان