أمّا الدور، فهو توقّف
وجود الشيء على ما يتوقّف وجوده عليه؛ إمّا بلا واسطة، كتوقّف «أ» على «ب» و
توقّف «ب» على «أ»، و يسمّى دورا مصرّحا؛ و إمّا مع الواسطة كتوقّف «أ» على «ب» و
«ب» على «ج» و «ج» على «أ»، و يسمّى دورا مضمرا.
و استحالته قريبة من
البداهة 1؛ فإنّه يستلزم تقدّم الشيء على نفسه بالوجود، و هو ضروريّ الاستحالة.
و أمّا التسلسل، فهو
ترتّب شيء موجود على شيء آخر موجود معه بالفعل، و ترتّب الثاني على ثالث كذلك 2،
و الثالث على رابع، و هكذا إلى غير النهاية، سواء كان ذهاب السلسلة كذلك من
الجانبين- بأن يكون قبل كلّ قبل قبل، و بعد كلّ بعد
1- قوله قدّس سرّه: «و
استحالته قريبة من البداهة»
لأنّها و إن كانت نظريّة
إلّا أنّها تتبيّن بقياس بسيط، أوسطه استلزام تقدّم الشيء على نفسه.
فهي نظريّة تنتهي إلى
البديهي بلا واسطة. و هذا بخلاف ما يحتاج إثباته إلى القياس المركّب، فإنّه إنّما
يستنتج من مقدّمات كلّها أو بعضها نظريّة تحتاج إلى إقامة برهان عليها، فلا تنتهي
إلى البديهيّات إلّا بواسطة بعض النظريّات.