الافتقار بمراتب. فلو
كان الحدوث علّة الحاجة لتقدّم على نفسه بمراتب؛ فعلّة الافتقار زائدة على ما
ذكرت». (ج 2، ص 203)
و قد اندفعت بما تقدّم
مزعمة أخرى لبعضهم 62، و هي قولهم: إنّ من شرط صحّة الفعل سبق العدم. 63 و المراد
بالسبق السبق الزمانيّ. و محصّله: أنّ المعلول بما أنّه فعل لعلّته يجب أن يكون
حادثا زمانيّا. و علّلوه بأنّ دوام وجود الشيء لا يجامع حاجته. 64 و لازم هذا
القول أيضا عدم وجود المعلول عند وجود العلّة. 65
62- قوله قدّس سرّه: «قد
اندفعت بما تقدّم مزعمة أخرى لبعضهم»
أي: لبعض هؤلاء الذاهبين
إلى أنّ المعلول إنّما يحتاج إلى العلّة في الحدوث، و أنّ علّة الحاجة إلى العلّة
هي الحدوث، يعنون به الحدوث الزمانيّ. كما مرّ في الفصل السادس من المرحلة
الرابعة.
قال قدّس سرّه في الأسفار
ج 3، ص 18: «اعلم أنّه ليس من شرط الفعل مطلقا أن يكون مسبوقا بالعدم، كما زعمه
المتكلّمون، و ذلك لذهابهم إلى أنّ علّة حاجة الممكن إلى العلّة هي الحدوث، دون
الإمكان فقط.» انتهى.
63- قوله قدّس سرّه: «إنّ
من شرط صحّة الفعل سبق العدم»
أي: من شرط إمكان
المعلوليّة؛ فإنّ الصحّة في الحكمة بمعنى الإمكان، كالجواز. و الفعل هنا مصدر
مجهول، فهو بمعنى المفعوليّة أي المعلوليّة.
64- قوله قدّس سرّه: «و
علّلوه بأنّ دوام وجود الشيء لا يجامع حاجته»
لأنّ الوجود مساوق للوجوب،
و الوجوب مناط الغنى. و إن شئت فقل: إيجاده و هو موجود تحصيل للحاصل، و هو محال.
و فيه: أنّ وجوده الدائم
ليس من نفسه بعد ما كان ممكنا، فهو من العلّة، و هذا عين الاحتياج.
65- قوله قدّس سرّه: «لازم
هذا القول أيضا عدم وجود المعلول عند وجود العلّة»
فإنّ اللّه تعالى علّة
تامّة لوجود العالم، و على هذا القول لا بدّ أن يمضي زمان يكون العالم فيه معدوما،
حتّى يمكن إيجاده. و هو من تخلّف المعلول عن علّته التامّة.
و لا يخفى عليك: أنّ هذا
القول إنكار للقاعدة السابقة، أعني القاعدة الأولى من القاعدتين