و يدفعه: أنّ للواحد
اعتبارين 11: اعتباره في نفسه، من غير قياس بعض مصاديقه إلى بعض؛ فيساوق الموجود،
و يعمّ مصاديقه، من واحد و كثير؛ و: اعتباره بقياس بعض مصاديقه إلى بعض، فهناك
مصاديق لا يوجد فيها من معنى عدم الانقسام 12 ما يوجد في مصاديق اخر، كالعشرة التي
لا يوجد فيها من معنى عدم الانقسام ما يوجد في الواحد، و إن كان فيها ذلك إذا قيست
إلى العشرات. 13 فالكثير الذي ليس بالواحد، هو المقيس من حيث هو مقيس، و الذي
يقابله هو الواحد بالاعتبار الثاني، و أمّا الواحد بالاعتبار الأوّل، فهو يعمّ
الواحد و الكثير القسيمين جميعا. 14
11- قوله قدّس سرّه:
«يدفعه أنّ للواحد اعتبارين»
حاصله: أنّ الوحدة تعتبر
على وجهين:
الاولى: الوحدة المطلقة و
هي التي يتّصف بها الشيء في نفسه، و لا يحتاج في اتّصافه بها إلى قياسه إلى غيره.
و هذه الوحدة هي التي يتّصف بها كلّ شيء، حتّى الكثير، و تكون مساوقة للوجود، و
لا مقابل وجوديّ له.
الثانية: الوحدة النسبيّة
و هي التي يتّصف بها الشيء إذا لو حظ بالقياس إلى شيء آخر يكون كثيرا بالنسبة
إلى ذلك الشيء. و هذه هي الوحدة التي تقابل الكثرة.
فالمحمول في قولنا: «كلّ
موجود واحد» هو الواحد بالاعتبار الأوّل، و هو في قولنا:
«بعض الموجود ليس بواحد»
هو الواحد بالاعتبار الثاني؛ فاختلفت القضيّتان في المحمول، فلا تناقض بينهما.
12- قوله قدّس سرّه: «من
معنى عدم الانقسام»
أي: من وصف عدم الانقسام.
فالمراد من المعنى هنا الأمر القائم بغيره، و هو الوصف.
13- قوله قدّس سرّه: «و
إن كان فيها ذلك إذا قيست إلى العشرات»
فإنّ العشرة حينئذ تعتبر
واحدة، ثمّ تجمع على العشرات، و الجمع هو ما يدلّ على أكثر من واحد، و لا يتحقّق
إلّا بتكرّر الواحد.
14- قوله قدّس سرّه:
«فهو يعمّ الواحد و الكثير القسيمين جميعا»
و لا مقابل وجوديّ له؛ بل
هو كالوجود الذي لا يقابله إلّا العدم.