فالمعتمد هو القول
بالسطح، أو البعد الجوهريّ المجرّد عن المادّة. و للفريقين احتجاجات و مشاجرات
طويلة، مذكورة في المطوّلات.
و من أقوى ما يورد على
القول بالسطح 13، أنّ لازمه كون الشيء ساكنا و متحرّكا في زمان واحد؛ فالطير
الواقف في الهواء، و السمك الواقف في الماء، عند ما يجري الهواء و الماء عليهما،
يجب أن يكونا متحرّكين؛ لتبدّل السطح المحيط بهما، من الهواء و الماء، و هما
ساكنان بالضرورة. و أيضا المكان متّصف بالفراغ و الامتلاء، و ذلك نعت البعد 14، لا
نعت السطح.
و من أقوى ما يورد على
القول بالبعد الجوهريّ المجرّد، أنّ لازمه تداخل المقدارين، و هو محال؛ فإنّ فيه
حلول الجسم، بمقداره الشخصيّ الذاهب في الأقطار الثلاثة، في المكان، الذي هو مقدار
شخصيّ يساويه، و رجوعهما مقدارا شخصيّا واحدا، و لا ريب في امتناعه. اللّهمّ إلّا
أن يمنع ذلك 15 بأنّ من الجائز أن يكون المانع
13- قوله قدّس سرّه: «من
أقوى ما يورد على القول بالسطح»
سواء في ذلك القولان
الثالث و الرابع؛ لوروده على كلا القولين.
14- قوله قدّس سرّه: «و
ذلك نعت البعد»
اللام للعهد، أي البعد
الذي يساوي أقطار الجسم المتمكّن، و هو البعد الممتدّ في الجهات الثلاث؛ و إلّا
فالسطح أيضا بعد.
15- قوله قدّس سرّه:
«اللّهمّ إلّا أن يمنع ذلك»
أي: يمنع امتناع تداخل
المقدارين مطلقا و في جميع الموارد، بل يخصّ بما إذا كانا في جسمين طبيعيّين.
و لا يخفى: أنّه يستظهر من
كلامه قدّس سرّه هذا أنّه يذهب إلى القول الخامس في المكان.
و يبدو أنّ الصحيح في
حقيقة المكان، هو أن يقال: إنّه الفضاء الذي يشغله الجسم و يحلّ فيه.