و الصورة الجسميّة، كانت
علّة فاعليّة للجسم متقدّمة عليه 3؛ كما أنّ الصورة الجسميّة شريكة العلّة للمادّة
الأولى.
و يتفرّع عليه أوّلا: أنّ
الوجود أوّلا للصورة النوعيّة، و بوجودها توجد الصورة الجسميّة، ثمّ الهيولى
بوجودها الفعليّ. 4
و ثانيا: أنّ الصور
النوعيّة لا تحفظ الجسميّة إلى بدل 5، بل توجد بوجودها
مادّتها، و ملكت الصورة
الحيوانيّة ما كان له من الأفعال و الآثار الخاصّة، و هكذا ...» انتهى.
و لعلّ الوجه فى تعبير
المصنّف قدّس سرّه عن الجسم بالمادّة الثانية، و المادّة هي القوّة، و عدم تعبيره
بالجسم نفسه هو الإشعار بما ذكرناه.
قوله قدّس سرّه: «مقوّمة
لمادّتها الثانية»
لا يخفى: أنّ المقوّم كما
يطلق على الذاتيّ- ذاتيّ باب الإيساغوجي- و هو مقوّم الماهيّة، كذلك يطلق على
العلّة، و هو مقوّم الوجود. و الثاني هو المراد هنا، لا الأوّل؛ لأنّ الصورة
النوعيّة عرضيّة للجسم الذي هو مادّة لها، فإنّ الصورة النوعيّة هي الفصل، و
المادّة هي الجنس، و قد مرّ أنّ كلّا من الجنس و الفصل عرضيّ للآخر.
إنّما جعلها علّة فاعليّة
للجسم بينما كانت الجسميّة شريكة العلّة للمادّة، لأنّ الجسم لا تتبدّل الصور
عليها، بل يزول بزوال صورة نوعيّة، و يحدث آخر بحدوث صورة نوعيّة جديدة. كما يصرّح
قدّس سرّه به بعد هذا. و ذلك لأنّ الجسم أمر واحد بالفعل و لا يمكن أن يصدر عن صور
كثيرة مختلفة، بخلاف الهيولى؛ فإنّ وحدتها ضعيفة مبهمة، فيمكن أن تتبدّل عليها
الصور و تكون بوحدتها معلولة للصور الكثيرة، حيث إنّها قوّة محضة و لا فعليّة لها.
4- قوله قدّس سرّه: «ثمّ
الهيولى بوجودها الفعليّ»
و إن كانت بوجودها بالقوّة
متقدّمة على الصورة الجسميّة، كما مرّ في الفصل السابق.
و قد مرّ في بعض تعاليقنا
على الفصل السادس أنّ المصنّف قدّس سرّه يرى المادّة قديمة و الجسم حادثا زمانيّا،
و لا يعقل ذلك إلّا بتقدّم المادّة زمانا على الجسم.