ثمّ إنّ المادّة لمّا
كانت متقوّم الوجود 5 بوجود الصورة، فللصورة جهة الفاعليّة بالنسبة إليها 6، غير
أنّها ليست تامّة الفاعليّة، لتبدّل الصور عليها 7، و المعلول الواحد لا تكون له
إلّا علّة واحدة 8، فللمادّة فاعل أعلى وجودا من المادّة و المادّيّات 9، يفعل
5- قوله قدّس سرّه:
«متقوّم الوجود»
هذا هو الصحيح، بخلاف ما
في النسخ من قوله قدّس سرّه: «متقوّمة الوجود».
6- قوله قدّس سرّه:
«فللصورة جهة الفاعليّة بالنسبة إليها»
لو أراد بالفاعل معناه
المصطلح و هو ما يفعل المعلول و يوجده و يعبّر عنه بالمقتضي، نافى قوله قدّس سرّه:
«فللمادّة فاعل أعلى» بضميمة قوله قدّس سرّه: «فالصورة شريكة العلّة للمادّة».
و لو أراد به العلّة
التامّة نافى قوله قدّس سرّه: «غير أنّها ليست تامّة الفاعليّة». فانحصر الأمر في
إرادة مطلق العلّيّة، فيطابق ما ذكره في البداية من أنّها شرط لوجود المادّة؛ و
إنّما عبّر عنها ههنا بالفاعل، لكونها من الشروط المتمّمة لفاعليّة الفاعل.
7- قوله قدّس سرّه:
«لتبدّل الصور عليها»
أي: لتبدّل الصور الجسميّة
عليها؛ فإنّ الصورة الجسميّة تتبدّل عنده بتبدّل الصور النوعيّة.
كما سيأتي منه قدّس سرّه
في خاتمة الفصل الآتي.
و إنّما فسّرناها بالصور
الجسميّة، لأنّ الكلام إنّما هو فيها، كما يظهر من العنوان- و إن كان ما ذكره قدّس
سرّه من الأدلّة لا يثبت أزيد من حاجة المادّة إلى صورة، سواء كانت هي الصورة
الجسميّة أو الصورة النوعيّة- هذا مضافا إلى أنّ الصور النوعيّة لم تثبت بعد.
8- قوله قدّس سرّه:
«المعلول الواحد لا تكون له إلّا علّة واحدة»
لأنّ الواحد لا يصدر إلّا
من الواحد. كما سيأتي في الفصل الرابع من المرحلة الثامنة.
قوله قدّس سرّه: «له»
هذا هو الصحيح، بخلاف ما
في النسخ من قوله قدّس سرّه: «لها»
9- قوله قدّس سرّه:
«فللمادّة فاعل أعلى وجودا من المادّة و المادّيّات»
و ذلك: لأنّ الصورة
الجسميّة لم يمكن أن تكون فاعلا. و مثلها الصور النوعيّة و الأعراض؛ لأنّها أيضا
متبدلّة متكثّرة. و ليس في عالم المادّة بعد المادّة التي هي المعلول إلّا الصور-
من الجسميّة و النوعيّة- و الأعراض. فلا يبقى إلّا أن يكون فاعل المادّة أمرا
مجرّدا عن المادّة.