الفصل السادس في أنّ
المادّة لا تفارق الجسميّة، و الجسميّة لا تفارق المادّة أي إنّ كلّ واحدة منهما
لا تفارق صاحبتها
أمّا أنّ المادّة لا
تتعرّى عن الصورة، فلأنّها في ذاتها و جوهرها قوّة الأشياء 1، لا نصيب لها من
الفعليّة إلّا فعليّة أنّها لا فعليّة لها؛ و من الضروريّ أنّ الوجود يلازم
الفعليّة المقابلة للقوّة. 2 فهي- أعني المادّة- في وجودها مفتقرة إلى موجود فعليّ
محصّل الوجود، تتّحد به، فتحصّل بتحصّله 3، و هو المسمّى صورة.
و أيضا لو وجدت المادّة
مجرّدة عن الصورة، لكان لها فعليّة في وجودها، و هي قوّة الأشياء محضا، و فيه
اجتماع المتنافيين في ذات واحدة 4، و هو محال.
1- قوله قدّس سرّه: «في
ذاتها و جوهرها قوّة الأشياء»
أي: في حقيقتها و هويّتها.
فالجوهر هنا هي الهويّة و ما به الشيء هو هو.
الحقّ: أنّ ملازمة الوجود
للفعليّة من قبيل الملازمات العامّة. و لكن على القول بوجود الهيولى، تكون هذه
الملازمة أعمّ من كلّ من الملازمة العامّة- كما في ملازمة وجود غير الهيولى
للفعليّة- و الملازمة الخارجيّة، كما في ملازمة وجود الهيولى للفعليّة التي هي
الصورة.
3- قوله قدّس سرّه:
«فتحصّل بتحصّله»
أي: فتتحصّل، فحذفت إحدى
تائيه.
4- قوله قدّس سرّه: «فيه
اجتماع المتنافيين في ذات واحدة»
أي: اجتماع القوّة و
الفعل؛ لأنّ القوّة ملازمة للفقدان و الفعل هو الوجدان.