عليه 34، من غير سبق
قوّة و استعداد يقرّب موضوعه من الفعليّة 35؛ و إنّما العقل يفرض للعقل ماهيّة
يعتبرها قابلة للوجود و العدم، فيعتبر تلبّسها بالوجود قبولا و انفعالا. فالقبول
كالانفعال مشترك بين المعنيين 36؛ و الذي يستلزم التركّب هو القبول بمعنى
الاستعداد و القوّة السابقة، دون القبول بمعنى فيضان الوجود. فالعقل يفعل بعين ما
يقبل و ينفعل به.
34- قوله قدّس سرّه:
«فانفعال العقل و قبوله الوجود ممّا فوقه ليس إلّا مجرّد وجوده الفائض عليه»
أي: ليس هناك قابل و
مقبول، حتّى يتحقّق قبول حقيقيّ. و إنّما هو مجرّد الوجود الذي يفرضه العقل
مقبولا. و أمّا الماهيّة و مغايرتها للوجود، و كذا قبولها الوجود، فليست إلّا
اعتبارات من العقل.
قوله قدّس سرّه: «فانفعال
العقل»
الفاء للسببيّة.
35- قوله قدّس سرّه: «من
غير سبق قوّة و استعداد يقرّب موضوعه من الفعليّة»
يمكن أن يراد بالقوّة،
القوّة الجوهريّة المبهمة التي هي الهيولى؛ فيكون عطف الاستعداد عليه عطفا للمباين
على المباين. و يحتمل أن يراد بها القوّة العرضيّة، و هي الاستعداد؛ فيكون عطف
الاستعداد عليها عطفا تفسيريّا. و لا يخفى أنّ الثاني أولى.
36- قوله قدّس سرّه:
«فالقبول كالانفعال مشترك بين المعنيين»
أحد هما: القوّة و
الاستعداد و يعبّر عنه بالقابليّة. و ثانيهما: الوجود بمعنى الانوجاد، و هو مساوق
للفعليّة المقابلة للقوّة. و الأوّل قابليّة قبول الصور و لواحقها. و الثاني قبول
الوجود.
هذا.
و لكن يبدو أنّ القبول
كالانفعال ليس له إلّا مفهوم واحد، و إنّما الاختلاف في مصاديقه من حيث كونها
حقيقيّة أو مجازيّة، فالقبول في الأجسام حقيقيّ، و في العقل مجازيّ. فلعلّ الذهاب
إلى الاشتراك من باب اشتباه المصداق بالمفهوم.