الماهيّات أنحاء الوجود
82». و إلى هذا الاختلاف يؤول ما بين الماهيّات الموجودة من التميّز و البينونة و
اختلاف الآثار، و هو معنى قولهم: «إنّ الماهيّات حدود الوجود»، فذات كلّ ماهيّة
موجودة حدّ لا يتعدّاه وجودها، و يلزمه سلوب بعدد الماهيّات الموجودة الخارجة
عنها. فماهيّة الإنسان الموجودة مثلا حدّ لوجوده، لا يتعدّاه وجوده إلى غيره، فهو
ليس بفرس، و ليس ببقر، و ليس بشجر، و ليس بحجر، إلى آخر الماهيّات الموجودة
المباينة للإنسان.
و سابعا: أنّ ثبوت كلّ
شيء أيّ نحو من الثبوت فرض، إنّما هو لوجود هناك خارجيّ يطرد العدم لذاته 83.
فللتصديقات النفس الأمريّة، التي لا مطابق لها في خارج و لا في ذهن، مطابق ثابت
نحوا من الثبوت التبعيّ بتبع الموجودات الحقيقيّة 84.
الاولى من بداية الحكمة.
82- قوله قدّس سرّه: «إنّ
الماهيّات أنحاء الوجود»
فكلمة «أنحاء» لها
إطلاقان. فإنّها قد تطلق على صفات الوجود الّتي هي أمور حقيقيّة، موجودة في الخارج
بعين وجود موصوفها، و ذلك عند ما يقال: «إنّ الوجوب و الإمكان، و الوحدة و الكثرة،
و التجرّد و المادّيّة، و ... أنحاء الوجود». و قد تطلق على الماهيّات الّتي هي
حدود الوجودات، و لا وجود لها إلّا بالاعتبار.
83- قوله قدّس سرّه:
«إنّما هو لوجود هناك خارجيّ يطرد العدم لذاته»
إن قلت: ثبوت مطابق
القضايا الذهنيّة إنّما هو في الذهن، فكيف حصر الثبوت في الوجود الخارجيّ؟
قلت: مطابق القضايا
الذهنيّة موجود في الذهن، و الذهن مرتبة من النفس، و النفس موجود خارجيّ. فذلك
المطابق أيضا موجود خارجيّ.
و بعبارة اخرى: المفاهيم
الموجودة في الذهن إنّما هي وجودات ذهنيّة إذا قيست إلى مصاديقها و لوحظت حاكية
عنها. و أمّا إذا لوحظت في أنفسها فهي وجودات خارجيّة، كما سيأتي في المرحلة
الثالثة.
84- قوله قدّس سرّه:
«مطابق ثابت نحوا من الثبوت التبعيّ بتبع الموجودات الحقيقيّة»
الاتّصاف بالتبع و إن كان
غير الاتّصاف بالعرض، كما صرّح قدّس سرّه بذلك في الفصل السابع من المرحلة
التاسعة- و ذلك لأنّ الاتّصاف بالتبع اتّصاف حقيقيّ و لكن هناك واسطة تتّصف نفسها