هي بوصف الكلّية
والاشتراك واحدةٌ في الذهن ـ كما سيأتي [١]
ـ.
الفصل الثالث
في الكلّيّ والجزئي
لا ريب أنّ الماهيّة الكثيره الأفراد
تصدق على كلٍّ واحد من أفرادها وتحمل عليه ، بمعنى أنّ الماهيّة التي في الذهن
كلّما ورد فيه فردٌ من أفرادها وعَرَضَ عليها إتّحدَتْ معه وكانت هي هو. وهذه
الخاصة هي المسمّاة بالكلّيّة ، وهي المراد باشتراك الأفراد في الماهيّة. فالعقل
لا يمتنع من تجويز صدق الماهيّة على كثيرين بالنظر إلى نفسها ، سواء كانت ذات
أفراد كثيرين في الخارج أم لا.
فالكّليّة خاصةٌ ذهنيّةٌ تعرض الماهيّة
في الذهن ، إذ الوجود الخارجيّ العينيّ مساوقٌ للشخصيّه ، مانعٌ عن الإشتراك. فالكلّيّة
من لوازم الوجود الذهنيّ للماهيّة كما أنّ الجزئيّة والشخصيّة من لوازم الوجود
الخارجيّ.
فما
قيل[٢]
: «إنّ الكلّيّة والجزئيّة في نحو الإدراك بمعنى أنّ الحسّ لقوّة إدراكه ينال
الشيءَ نَيْلا كاملا بحيث يمتاز عمّا سواه مطلقاً ويتشخّص ، والعقل لضَعْف إدراكه
يناله نَيْلا هيِّناً يتردّد ما ناله بين اُمور ويقبل الإنطباق على كثيرين ، كالشبح
المرئيّ من بعيد بحيث لا يتميّز كلَّ التّميز ، فيتردّد بين أن يكون ـ مثلا ـ هو
زيداً أو عمراً أو خشبةً منصوبةً أو غير ذلك ، وليس إلاّ واحداً من المحتملات ، وكالدرهم
الممسوح المردّد بين الدراهم المختلفة وليس إلاّ واحداً منها».
فاسدٌ
، إذ لو كان الأمر كذلك لم يكن مصداق الماهيّة في الحقيقة إلاّ واحداً من الأفراد
[٢]والقائل هو المحقّق الدوانيّ وسيّد المدقّقين على ما
نُقل عنهما في شوارق الإلهامص ١٦٤ ، وتعليقة الهيدجيّ على شرح المنظومة ص ٢٧٠ ، ودرر
الفوائد ص ٣٣٢. قال المحقّق الدوانيّ في حاشية شرح التجريد للقوشجي ص ٩٦ : «فالاختلاف
بالكلّية والجزئية لإختلاف نحو الإدراك ...».