وإن
قيل : إنّ الذي ذُكر ـ من أنّ الممتنعين
بالذات ليس بينهما إلاّ الصحابة الإتّفاقيّة ـ ، ممنوعٌ لأنّ المعاني التي يثبت
العقل إمتناعَها على الواجب بالذات ـ كالشريك والماهيّة والتركيب وغير ذلك ـ يجب
أن تكون صفات له ممتنعةً عليه بالذات ، إذ لو كانت ممتنعةً بالغير كانت ممكنةً له
بالذات ـ كما تقدّم [١]
ـ.
ولا صفةَ إمكانيّةً فيه (تعالى) ، لما
بيّن أنّ الواجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات [٢].
ثمّ الحجج القائمة على نفي هذه الصفات
الممتنعة ـ على ما أُشير اليه في أوّل الكتاب [٣]
ـ براهينٌ إنّيةٌ تسلك من طريق الملازمات العامّة.
فللنتائج ـ وهي إمتناع هذه الصفات ـ
علاقةٌ لزوميّة مع المقدّمات ، فهي جميعاً معلولةٌ لما وراءها ممتنعةٌ بغيرها ، وقد
بيّن أنّها ممتنعة بذاتها ، هذا خلفٌ.
اُجيب
عنه : بأنّ الصفات الممتنعة التي تنفيها
البراهين الإنّيّة عن الواجب بالذات مرجعُها جميعاً إلى نفي الوجوب الذاتي الذي هو
عين الواجب بالذات ، فهي واحدة بحسب المصداق المفروض لها وإن تكثّرت مفهوماً ، كما
أنّ الصفات الثبوتيّه التي للواجب بالذّات هي عين الوجود البحت الواجبيّ مصداقاً
وإن كانت متكثّرةً مفهوماً.
فعدم الإنفكاك بين هذه الصفات والسلوك
البرهانيّ من بعضها إلى بعض ، لمكان وحدِتها بحسب المصداق المفروض ، وإن كان في
صورة التلازم بينهما بحسب المفهوم؛ كما أنّ الأمر في الصفات الثبوتيّة كذلك ، ويعبّر
عنه بأنّ الصفات الذاتيّة كالوجوب الذّاتيّ مثلا بالذات وباقتضاء من الذات ، ولا
اقتضاءَ ولا علّيّة بين الشيء ونفسه.
وهذا معنى ما قيل [٤] : «إنّ الدليل على وجود الحقّ المبدِع
إنّما