فعلّة الوجود لا تتمّ علّةً إلاّ إذا
صارت موجَبَةً ، وعلّة العدم لا تتمّ علّةً إلاّ إذا كانت بحيث تفيد امتناعَ
معلولها ، فالشيء ما لم يجب لم يُوجَد ، وما لم يمتنع لم يُعدَم.
وأمّا قول بعضهم [١] : «إنّ وجوبَ وجودِ المعلول يستلزم كون
العلّة على الإطلاق موجَبَةً ـ بفتح الجيم ـ غيرَ مختارة ، فيلزم كون الواجب
(تعالى) موجَباً في فعله غيرَ مختار ، وهو محال».
فيدفعه : أنّ هذا الوجوب الذي يتلبّس به
المعلول وجوبٌ غيريٌ ، ووجوب المعلول منتزَعٌ من وجوده لا يتعدّاه ، ومن الممتنع
أن يؤثّر المعلولُ في وجود علّتِهِ وهو مترتَّب عليه [٢] ، متأخَّر عَنه [٣] قائم به [٤].
وقد ظهر بما تقدّم بطلان القول
بالأولويّة على أقسامها.
توضيحه : أن قوماً من المتكلّمين [٥] ـ زعماً منهم أنّ القول بإتّصاف الممكن
بالوجوب في ترجّح أحد جانبَي الوجود والعدم له ، يستلزم كون الواجب في مبدئيّته
للإيجاد فاعلا وموجَباً ـ بفتح الجيم ـ (تعالى عن ذلك وتقدّس) ، ذهبوا إلى أنّ
ترجّح أحد الجانبين له بخروج الماهيّة عن حدّ الإستواء إلى أحد الجانبين بكون
الوجود أولى له أو العدم أولى له من دون أن يبلغَ أحد الجانبين فيخرج به من حدّ
الإمكان ، فقد ترجّح الموجود من الماهيّات بكون الوجود أولى له من غير وجوب ، والمعدوم
منها بكون العدم أولى له من غير وجوب.
وقد قسّموا الأولويّةَ إلى ذاتيّة
تقتضيها الماهيّة بذاتها أو لا تنفكّ عنها وغير ذاتيّة تفيدها العلّة الخارجة ، وكلّ
من القسمين إمّا كافيةٌ في وقوع المعلول وإمّا