عن الوجود والعدم
والعلّة الموجبة لهما لا ينافي إتّصافَها في الخارج بأحدهما وحصول علّته.
ورُدّ [١] بأنّه قياسٌ مع الفارق ، فإنّ حيثيّةَ
الماهيّة من حيث هي غيرُ حيثيّة الواقع ، فمن الجائز أن يعتبرها العقل ويقصر
النّظر اليها من حيث هي من دون ملاحظة غيرها من وجود وعدم وعلِتهما.
وهذا بخلاف الوجود العينيّ ، فإنّ
حيثيّه ذاته عين حيثيّه الواقع ومتن التحقّق ، فلا يمكن اعتباره بدون اعتبار جميع
ما يرتبط به من علّة وشرط.
ويمكن تقرير الحجّة بوجه آخر ، وهو أنّ
عدم كفاية الذات في وجوب صفة من صفاته الكماليّة يستدعي حاجتَهُ في وجوبها إلى
الغير ، فهو العلّة الموجبة ، ولازمه أن يتّصف الواجب بالذات بالوجوب الغيريّ ، وقد
تقدّمت استحالته [٢].
واُورِد[٣] على أصل
المسألة بأنّه منقوضٌ بالنِسَبِ والإضافات اللاحقة للذاّت الواجبيّة من قِبَل
أفعاله المتعلّقة بمعلولاته الممكنة الحادثة ، فإنّ النِسبَ والإضافات قائمةٌ
بأطرافها تابعةٌ لها في الإمكان كالخَلْق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها.
ويُندفع[٤] بأنّ هذه
النسَب والإضافات والصفات المأخوذة منها ـ كما سيأتي بيانه [٥] ـ معان منتزعة من مقام الفعل لا من
مقام الذات.
نعم ، لوجود هذه النسَب والإضافات
إرتباطٌ واقعيٌّ به (تعالى) ، والصفات المأخوذة منها للذّات واجبة بوجوبها. فكونه
(تعالى) بحيث يَخْلُقُ وكونه بحيث
[٣] والظاهر أنّ
ممّن توّهم ورود هذا الإيراد هو الميبديّ في شرحه للهداية الأثيريّةص ١٧٢ ، فإنّه
تعرّض للإيراد ونَسَبه إلى «قيل» ولم يدفعه ، فراجع وتأمّل.
[٤] هكذا دفعه صدر
المتألّهين في شرحه للهداية الأثيريّة : ص ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، والأسفار : ج ١ ص ١٢٧ ـ
١٢٨.
[٥] راجع الفصل
التاسع والفصل العاشر من المرحلة الثانية عشرة.