واعتُرِضَ
عليه[١]
: بأنّه لِمَ لا يجوز أن يكون للواجب بالذات حقيقةٌ وجوديّةٌ غير زائدة على ذاته
بل هو عين ذاته ، ثمّ العقل يحلّله إلى وجود ومعروض له جزئيٍّ شخصيٍّ غير كلّيٍّ
هو ماهيّته؟
ودُفِعَ
[٢]
: بأنّه مبنيٌ على ما هو الحقّ من أنّ التشخّص بالوجود لا غير [٣] ، وسيأتي في مباحث الماهيّة [٤].
فقد تبيّن بما مرّ ، أنّ الواجب بالذّات
حقيقةٌ وجوديّةٌ لا ماهيّةَ لها تحدّها ، هي بذاتها واجبة الوجود من دون حاجة إلى
انضمام حيثيّة تعليليّة أو تقييديّة ، وهي الضّرورة الأزليّة.
وقد تقدّم في المرحلة الاُولى [٥] أنّ الوجود حقيقةٌ عينيّةٌ مشكّكةٌ
ذاتُ مراتبَ مختلفة ، كلّ مرتبة من مراتبها تجد الكمال الوجوديّ الذي لما دونها
وتقوّمه وتتقوّم بما فوقها ، فاقدةٌ بعضَ ما له من الكمال وهو النقص والحاجة ، إلاّ
المرتبة التي هي أعلى المراتب التي تجد كلَّ كمال ، ولا تفقد شيئاً منه ، وتقوّم
بها كلّ مرتبة ، ولا تقوّم بشيء وراءَ ذاتها.
فتنطبق الحقيقة الواجبيّة على القول
بالتشكيك على المرتبة التي هي أعلى المراتب التي ليست وراءها مرتبةٌ تحدّها ، ولا
في الوجود كمالٌ تفقده ، ولا في ذاتها نقصٌ أو عدمٌ يشوبها ، ولا حاجة تقيّدها؛
وما يلزمها من الصفات السلبيّة مرجَعُها إلى سلب السلب وانتفاء النقص والحاجة وهو
الإيجاب.
وبذلك يندفع وجوهٌ من الاعتراض أوردوها [٦] على القول بنفي الماهيّة عن
[١] هذا الإعتراض
تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ج ١ ص ١٠٤ ، وشرح الهداية الأثيريّة ص ٢٨٦.
[٢] كذا دَفَعه صدر
المتألّهين في الأسفار ج ١ ص ١٠٤ ، وشرح الهداية الأثيريّة ص ٢٨٦ ـ ٢٨٧.
[٣] كما صرّح به
المعلّم الثاني ، كذا في شرح الهداية الأثيريّة لصدر المتألّهين ص ٢٨٦.
[٦] والمعترِض فخر
الدين الرازيّ ، فراجع المباحث المشرقيّه ج ١ ص ٣١ ـ ٣٥. وقال في شرح عيون الحكمة
ج ٣ ص ١١٧ : «لا يجوز أن تكون حقيقة واجب الوجود عين وجوده ،