ينقسم كلٌّ من هذه الموادّ الثلاث إلى
ما بالذات وما بالغير وما بالقياس إلى الغير ، إلاّ الإمكان ، فلا إمكان بالغير [١].
والمراد بما بالذات أن يكون وضع الذات ـ
مع قطع النظر عن جميع ما عداه ـ كافياً في اتّصافه ، وبما بالغير أن لا يكفي فيه
وضعه كذلك ، بل يتوقّف على إعطاء الغير واقتضائه ، وبما بالقياس إلى الغير أن يكون
الإتّصاف بالنظر إلى الغير على سبيل استدعائه الأعمَّ من الإقتضاء.
فالوجوب بالذات كضرورة الوجود لذات
الواجب (تعالى) لذاته بذاته ، والوجوب بالغير ، كضرورة وجود الممكن التي تلحقه من
ناحية علّته التامّة ، والامتناع بالذّات ، كضرورة العدم للمحالات الذاتيّة التي
لا تقبل الوجود لذاتها المفروضه ، كاجتماع النقيضين وارتفاعهما وسلب الشيء عن نفسه
، والامتناع بالغير ، كضرورة عدم الممكن التي تلحقه من ناحية عدم علّته ، والإمكان
بالذّات كون الشيء في حدّ ذاته مع قطع النظر عن جميع ما عداه مسلوبةً عنه ضرورةُ
الوجود وضرورةُ العدم.
وأمّا الإمكان بالغير فممتنعٌ ـ كما
تقدّمت الإشارة اليه [٢]
ـ. وذلك لأنّه لو
[١] راجع الأسفار ج
١ ص ١٦١ ـ ١٧١ ، وشوارق الإلهام ص ٨٧ ـ ٨٨ ، وشرح التجريد للقوشجيّ ص ٣٦ ، وكشف
المراد ص ٥٢.
[٢] حيث قال : «فلا
إمكان بالغير». ولا يخفى أنّ الإمكان بالغير غير الإمكان الغيريّ فإنّ المراد من
الإمكان في الإمكان بالغير هو الإمكان العرضيّ وفي الإمكان الغيريّ هو الإمكان
الذاتيّ بيان ذلك : أنّ الإمكان قسمان : (احدهما) الإمكان بالعرض بمعنى أن يكون
الشيء غير ممكن ثمّ يصير ممكنّاً بسبب الغير ، وهذا هو الممكن بالغير الذي ثبتت
استحالته. و (ثانيهما) الإمكان بالذّات وهو أن يكون الشيء ممكناً في حدّ ذاته ، وهذا
هو الممكن الغيريّ الذي اتّصف به الممكنات.