وإن عبّر عنهما بنحو
قولهم : «سلب الضرورتين» ، فكيف يكون صفةً واحدةً ناعتةً للممكن؟! سلّمنا أنّه
يرجع إلى سلب الضرورتين ، وأنه سلبٌ واحدٌ ، لكنّه ـ كما يظهر من التقسيم ـ سلبٌ
تحصيليٌّ لا إيجابٌ عدوليٌّ ، فما معنى إتّصاف الممكن به في الخارج ولا إتّصافَ
إلاّ بالعدول؟ كما اضطرّوا إلى التعبير عن الإمكان بأنّه لا ضروره الوجود والعدم ،
وبأنّه إستواء نسبة الماهيّة إلى الوجود والعدم عندما شرعوا في بيان خواصّ الإمكان
ككونه لا يفارق الماهيّة وكونه علّة للحاجة إلى العلّة ، إلى غير ذلك.
وجه
الاندفاع[١]
: أنّ القضيّة المعدولة المحمول تساوي السالبة المحصّلة عند وجود الموضوع [٢] ، وقولنا : «ليس بعض الموجود ضروريُّ
الوجود ولا العدم» وكذا قولنا : «ليست الماهيّة من حيث هي ضروريّة الوجود ولا
العدم» الموضوعُ فيه موجودٌ ، فيتساوي الإيجاب العدوليّ والسلب التحصيليّ في
الإمكان.
ثمّ لهذا السلب نسبةٌ إلى الضرورة وإلى
موضوعه المسلوب عنه الضرورتان ، يتميّز بها من غيره ، فيكون عدماً مضافاً ، له
حظٌّ من الوجود وله ما تترتّب عليه من الآثار ، وإن وجده العقلُ أوّلَ ما يجد في
صورة السلب التحصيليّ كما يجد العمى ـ وهو عدمٌ مضافٌ ـ كذلك أوّلَ ما يجده.
ويتفرّع على ما تقدّم أمور :
الأمر
الأوّل : أنّ موضوعَ الإمكان هو الماهيّة ، إذ لا
يتّصف الشيء بلا ضرورة الوجود والعدم إلاّ إذا كان في نفسه خِلواً من الوجود
والعدم جميعاً وليس إلاّ الماهيّة من حيث هي ، فكلّ ممكن فهو ذو ماهيّة.
وبذلك يظهر معنى قولهم : «كلّ ممكن زوجٌ
تركيبيٌّ ، له ماهيّة ووجود» [٣].
وأمّا إطلاق الممكن على وجود غير الواجب
بالذّات وتسميته بالوجود
[١] ولمزيد التوضيح
راجع تعليقات المصنّف (قدس سره) على الأسفار ج ١ ص ١٦٣ و ١٦٩.
[٢] كما صرّح به
الحكيم السبزواري في تعليقاته على الأسفار ج ١ ص ١٧٠.
[٣] راجع الفصل
السابع من المقالة الاُولى من إلهيّات الشفاء.