وهذه جميعاً تعريفات لفظيّة من قبيل شرح
الإسم المفيد للتنبيه ، وليست بتعريفات حقيقيّة [٢] ، لأنّ الضرورة واللاضرورة من المعاني
البيّنة البديهيّة التي ترتسم في النفس إرتساماً أوّليّاً تُعرف بنفسها ويُعرف بها
غيُرها.
ولذلك مَنْ حاول أن يعرّفها تعريفاً
حقيقيّاً أتى بتعريفات دوريّة ، كتعريف الممكن بـ «ما ليس بممتنع» [٣] ، وتعريف الواجب بـ «ما يلزم من فرض
عدمه محال» أو «ما فرض عدمه محال» [٤]
، وتعريف المحال بـ «ما يجب أن لا يكون» إلى غير ذلك.
والذي يقع البحث عنه في هذا الفنّ ـ
الباحث عن الموجود بما هو موجود ـ بالقصد الأوّل من هذه الموادّ الثلاث هو الوجوب
والإمكان ـ كما تقدّمت الإشارة إليه [٥]
ـ ، وهما وصفان ينقسم بهما الموجود من حيث نسبة وجوده إليه إنقساماً أوّليّاً.
وبذلك يندفع ما اُورِد على كون الإمكان
وصفاً ثابتاً للممكن يحاذي الوجوب الذي هو وصف ثابت للواجب.
تقريره : أنّ الإمكانَ ـ كما تَحَصّل من
التقسيم السابق ـ سلبُ ضرورةِ الوجوب وسلبُ ضرورة العدم ، فهما سلبان إثنان ،
[١] قال الرازيّ في
المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١١٣ : «ولمّا كان الوجوب أقرب إليه [أي إلى العقل] لا جرم
كان أعرف عند العقل ، فلهذا يكون تعريف الإمكان والإمتناع بالوجوب أولى من العكس».
وقريبٌ منه ما في الفصل الخامس من المقالة الاُولى من إلهيّات الشفاء ، والمطارحات
ص ٢١٠.
[٢] ونبّه عليه أكثر
المحقّقين ، فراجع الفصل الخامس من المقالة الاُولى من إلهيّات الشفاء ، والأسفار
ج ١ ص ٨٣ ، والتحصيل ص ٢٩١ ، وشرح المواقف ص ١٢٨ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ١١٤ ، والمباحث
المشرقيّة ج ١ ص ١١٣ ، وشرح التجريد للقوشجيّ ص ٢٩ ، وشوارق الإلهام ص ٨٦ ، وشرح
المنظومة ص ٦٣ ، وكشف المراد ص ٤٢.
[٣] قال الشيخ
الإشراقيّ : «والعامّة قد يعنون بالممكن ما ليس بممتنع» راجع شرح حكمة الإشراق ص
٧٨.