كلّ مفهوم فرضناه ثمّ نَسَبْنا إليه
الوجود ، فإمّا أن يكون الوجود ضروريُّ الثبوت له وهو الوجوب ، أو يكون ضروريُّ
الإنتفاء عنه ـ وذاك كون العدم ضروريّاً له ـ وهو الإمتناع ، أو لا يكون الوجود
ضروريّاً له ولا العدم ضروريّاً له وهو الإمكان.
وأمّا احتمال كون الوجود والعدم معاً
ضروريَّيْن له فمندفع بأدنى إلتفات [١].
فكلّ مفهوم مفروض إمّا واجب وإمّا ممتنع
وإمّا ممكن.
وهذه قضيّة منفصلة حقيقيّة مقتنصة من
تقسيمَيْن دائرَيْن بين النفي والإثبات بأن يقال : «كلُّ مفهوم مفروض فإمّا أن
يكون الوجود ضروريّاً له أو لا.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون العدم
ضروريّاً له أو لا.
الأوّل هو الواجب ، والثاني هو الممتنع
، والثالث هو الممكن».
والذي يعطيه التقسيم من تعريف الموادّ
الثلاث أنّ وجوبَ الشيء كونُ وجودِهِ ضروريّاً له ، وإمتناعَه كونُ عدمِهِ
ضروريّاً له ، وإمكانَه سلبُ الضرورتَيْن بالنسبة إليه؛ فالواجب ما يجب وجوده ، والممتنع
ما يجب عدمه ، والممكن ما ليس