وأمّا شيءٌ من المفاهيم المنتزعة من
الوجود ، فالذي للواجب بالذات منها أعلى المراتب غير المتناهي شدّةً الذي لا
يخالطه نقص ولا عدم ، والذي لغيره بعض مراتب الحقيقة المشكّكة غير الخالي من نقص
وتركيب ، فلا مشاركة.
وأمّا حمل بعض المفاهيم على الواجب
بالذات وغيره ـ كالوجود المحمول باشتراكه المعنويّ عليه وعلى غيره ، مع الغضّ عن
خصوصيّة المصداق ، وكذا سائر صفات الواجب بمفاهيمها فحسب ، كالعلم والحياة والرحمة
، مع الغضّ عن الخصوصيّات الإمكانيّة ـ فليس من الاشتراك المبحوث عنه في شيء.
قد تقدّم [٢] أنّ الوجود الواجبيّ لا يسلب عنه كمال
وجوديّ قطّ ، فما في الوجود من كمال ـ كالعلم والقدرة ـ فالوجودالواجب يّواجدٌ له
بنحو أعلى وأشرف ، وهو محمول عليه على ما يليق بساحة عزّته وكبريائه ، وهذا هو
المراد بالاتّصاف.
ثمّ إنّ الصفة تنقسم انقساماً أوّليّاً
إلى ثبوتيّة تفيد معنى إيجابيّاً كالعلم والقدرة ، وسلبيّة تفيد معنى سلبيّاً ، ولا
يكون إلاّ سلب سلب الكمال ، فيرجع إلى إيجاب الكمال ، لأنّ نفي النفي إثبات ، كقولنا
: «مَنْ ليس بجاهل» و «مَنْ ليس بعاجز» الراجعَيْن إلى العالم والقادر. وأمّا سلب
الكمال فقد اتّضح في المباحث السابقة [٣]
أنّ لا سبيل لسلب شيء من الكمال إليه (تعالى). فالصفات السلبيّة راجعة بالحقيقة
إلى الصفات الثبوتيّة.
والصفات الثبوتيّة تنقسم إلى حقيقيّة
كالحيّ ، وإضافيّة كالعالميّة والقادريّة. والحقيقيّة تنقسم إلى حقيقيّة محضة
كالحيّ ، وحقيقيّة ذات إضافة كالخالق والرازق.
[١] وإن شئت تفصيل
اقسام صفات الواجب بالذات فراجع الأسفار ج ٦ ص ١١٨ ـ ١٢٥ ، وشرح المنظومة ص ١٥٧.