وإلى ما هو عرض ، وهو
في المشهور جميع العلوم الحصوليّة المكتسبة لقيامها بالذهن عندهم ، وعندنا العلم
العرضيّ هو صفات المعلومات التي تحضر صورها عند النفس ، وقد بيّنا أنّ العلم
عقليّاً كان أو خياليّاً ليس بحلول المعلومات في العقل أو النفس ، بل على نحو
المثول بين يدي العالم واتّحاد النفس بها.
قسمة اُخرى ، قالوا : من العلم ما هو
فعليٌّ ، ومنه ما هو انفعاليٌّ ، ومنه ما ليس بفعليٍّ ولا انفعاليٍّ. أمّا العلم
الفعليّ ، فكعلم البارئ (تعالى) بما عدا ذاته وعلم سائر العلل بمعلولاتها. وأمّا
العلم الانفعاليّ ، فكعلم ما عدا البارئ (تعالى) بما ليس بمعلول له ممّا لا يحصل
إلاّ بانفعال مّا وتغيّر مّا للعالم ، وبالجملة بارتسام صوَر تحدث في ذات النفس أو
آلاتها. والعلم الذي ليس بفعليٍّ ولا انفعاليٍّ ، فكعلم الذوات العاقلة بأنفسها
وبالاُمور التي لا تغيب عنها. وقد يكون علم واحد فعليّاً من وجه وانفعاليّاً من
وجه ، كالعلوم الحادثة التي لها آثار خارجيّة ، كتأثير الأوهام في الموادّ
الخارجيّة» [١].
وقال أيضاً : «إنّ العلم يقع على
مصاديقه بالتشكيك كالوجود ، فيختلف بالشدّة والضعف ، والأوّليّة والأولويّة
وخلافهما ، والأقدميّة وغيرها. فإنّ العلم بذات الأوّل (تعالى) ـ وهو علمه (تعالى)
بذاته الذي هو عين ذاته ـ أولى في كونه علماً من العلم بغيره ، وهو أقدم العلوم
لكونه سبب سائر العلوم وهو أشدّها جلاءً وأقوى ظهوراً في ذاته. وأمّا خفاؤه علينا
فلما علمتَ من أنّه لغاية ظهوره وضَعْفِ بصائرنا عن إدراكه ، فجهة خفائه هي بعينها
جهة وضوحه وجلائه. وهكذا كلّ علم بحقيقة علّة بالقياس إلى العلم بحقيقة معلولها. وكذا
العلم بحقيقة كلّ جوهر هو أشدّ من العلم بحقيقة كلّ عرض ، وهو أولى وأقدم من العلم
بحقيقة العرض القائم بذلك الجوهر ، لكونه علّةً لها ، لا بحقيقة سائر الأعراض غير
القائمة به.
وأمّا اطلاق العلم على الفعل والانفعال
والإضافة كالتعليم والتعلّم والعالميّة فعلى سبيل الاشتراك أو التجوّز» [٢] ـ إنتهى.