فإنّه يستحقّ العدم
لذاته ويستحقّ الوجود من غيره ، وما بالذات أقدم ممّا بالغير ، فهو مسبوقُ الوجود
بالعدم لذاته.
واعتُرِض
عليه[١]
: بأنّ الممكن لو اقتضى لذاته العدمَ كان ممتنعاً ، بل هو لإمكانه لا يصدق عليه في
ذاته أنّه موجودٌ ، ولا أنّه معدومٌ.
فكما يستحقّ الوجود عن علّة خارجة كذلك
يستحقّ العدم عن علّة خارجة ، فليس شيءٌ من الوجود والعدم أقدم بالنسبة إليه من
غيره ، فليس وجوده عن غيره مسبوقاً بعدمه لذاته.
واُجيب
عنه [٢]
: بأنّ المراد به عدم استحقاق الوجود بذاته سلباً تحصيليّاً لا بنحو العدول ، وهذا
المعنى له في ذاته قبلَ الوجود الآتي من قِبَل الغير.
حجّةٌ
اُخرى[٣]
: أنّ كلَّ ممكن له ماهيّةٌ مغايرةٌ لوجوده ، وإلاّ كان واجباً لا ممكناً ، وكلُّ
ما كانت ماهيّته مغايرةً لوجوده إمتنع أن يكون وجوده من ماهيّته ، وإلاّ كانت
الماهيّة موجودةً قبلَ حصول وجودها ، وهو محالٌ ، فوجوده مستفاد من غيره ، فكان وجوده
مسبوقاً بغيره بالذات ، وكلّ ما كان كذلك كان محدَثاً بالذات.
ويتفرّع على ما تقدّم أنّ القديم بالذات
واجبُ الوجود بالذات ، وأيضاً أنّ القديم بالذات لا ماهيّةَ له.
الفصل السابع
في الحدوث والقدم بالحق
الحدوث بالحقّ مسبوقيّةُ وجودِ المعلول
بوجود علّته التامّة باعتبار نسبة السبق واللحوق بين الوجودين ، لا بين الماهيّة
الموجودة للمعلول وبين العلّة كما
[١] هذا الإعتراض
ممّا خطر ببال الفخر الرازيّ ، فذكره في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٣٤. وتعرّض له
أيضاً صدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ٢٤٧.
[٢] كذا أجاب عنه
الفخر الرازيّ أيضاً في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٣٤. وتعرّض له أيضاً صدر
المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ٢٤٧.
[٣] تعرّض لها الفخر
الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٣٤ ، وصدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ٢٤٩.