المسافة المقطوعة
للسريعة أكثر ومسافة البطيئة أقلّ.
وهما من المعاني الإضافيّة التي تتحقّق
بالإضافة ، فإنّ البطيئة تعود سريعةً إذا قيسَتْ إلى ما هو أبطَأُ منها ، والسريعة
تصير بطيئةً إذا قيسَتْ إلى ما هو أسرَعُ منها.
فإذا فرضنا سلسلةً من الحركات المتوالية
المتزائدة في السرعة كان كلُّ واحد من الأوساط ـ سوى الطرفَيْن متّصفاً بالسرعة
والبطؤ معاً ـ سريعاً بالقياس إلى أحد الجانبَيْن ، بطيئاً بالقياس إلى الآخر ، فهما
وصفان إضافيّان غير متقابلين ، كالطول والقصر ، والكبر والصغر.
وأمّا
ما قيل[١]
: «إنّ البطؤ في الحركة بتخلُّلِ السكون» ، فيدفعه ما تبيّن فيما تقدّم [٢] أنّ الحركة متّصلةٌ لا تقبل الانقسام
إلاّ بالقوّة.
قال في الأسفار
: «إنّ التقابل بين السرعة والبطؤ ليس بالتضايف ، لأنّ المضافَيْن متلازمان في
الوجودَيْن وهما غير متلازَميْن في واحد من الوجودَيْن.
وليس تقابلهما أيضاً بالثبوت والعدم ، لأنّهما
إن تساويا في الزمان كانت السريعة قاطعةً من المسافة ما لم تقطعها البطيئة ، وإن
تساويا في المسافة كان زمان البطيئة أكثر ، فلأحدهما نقصان المسافة وللآخر نقصان
الزمان ، فليس جعل أحدهما عدميّاً أولى من جعل الآخر عدميّاً ، فلم يبق من التقابل
بينهما إلاّ التضادّ لا غير» [٤]
ـ إنتهى.
[٣] والقائل هو
المتكلّمون ، كما ذهب إليه الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٦٠٥ وتبعهم
صدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ١٩٨. بخلاف المشهور من الحكماء حيث ذهبوا إلى أنّ
التقابل بينهما تقابل العدم والملكة.