القول بانحصار الحركة في المقولات
الأربع العرضيّة وإن كان هو المعروف المنقول عن القدماء ، لكنّ المحكيّ من كلماتهم
لا يخلو عن الإشارة إلى وقوع الحركة في مقولة الجوهر ، غير أنّهم لم ينصّوا عليه [١].
وأوّل من ذهب إليه وأشبع الكلام في
إثباته صدر المتألّهين (رحمه الله) [٢]
، وهو الحقّ ، كما أقمنا عليه البرهان في الفصل الثاني [٣]. وقد احتجّ (رحمه الله) ، على ما
اختاره بوجوه مختلفة [٤].
من أوْضَحِها [٥]
أنّ الحركات العرضيّة بوجودها سيّالةٌ متغيّرةٌ ، وهي معلولة للطبائع والصور
النوعيّة التي لموضوعاتها ، وعلّة المتغيّر يجب أن تكون متغيّرة ، وإلاّ لزم تخلّف
المعلول بتغيّره عن علّته ، وهو محالٌ.
فالطبائع والصور الجوهريّة التي هي الأسباب
القريبة للأعراض اللاحقة التي فيها الحركة متغيّرةٌ في وجودها متجدّدةٌ في جوهرها
، وإن كانت ثابتةً بماهيّتها قارّةً في ذاتها ، لأنّ الذاتيّ لا يتغيّر.
وأمّا
ما وجّهوا به[٦] ما يعتري هذه الأعراض من التغيّر
والتجدّد مع ثبات
[١] منها ما حكى
الشيخ الرئيس عن بعض الحكماء ـ من أنّ الجوهر أيضاً منه قارٌّ ومنه سيّال ـ ، راجع
الفصل الثاني من المقالة الثانية من الفنّ الأوّل من طبيعيات الشفاء. ومنها كلمات
الشيخ الرئيس في التعليقات على ما حكى عنه صدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ١١٨ ـ
١٢٠.
[٢] وتبعه الحكيم
السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٢٤٦.