السابع
: الفاعل بالتجلّي ، وهو الذي يفعل
الفعلَ ، وله علْمُ تفصيليٌّ به هو عين علمه الإجماليّ بذاته ، كالنفس الإنسانيّة
المجرّدة ، فإنّها لمّا كانت صورةً أخيرةً لنوعها كانت على بساطتها مبدءاً لجميع
كمالاتها الثانية التي هي لعلّيتها واجدةٌ لها في ذاتها ، وعلمها الحضوريّ بذاتها
علم بتفاصيل كمالاتها وإن لم يتميّز بعضها من بعض ، وكالواجب (تعالى) بناءً على ما
سيأتي إن شاء الله [١]
أنّ له (تعالى) علماً إجماليّاً بالأشياء في عين الكشف التفصيليّ.
الثامن
: الفاعل بالتسخير ، وهو الفاعل الذي
هو وفعله لفاعل ، فهو فاعلٌ مسخَّرٌ في فعله ، كالقوى الطبيعيّة والنباتيّة
والحيوانيّة المسخّرة في أفعالها للنفس الإنسانيّة ، وكالعلل الكونيّة المسخَّرة
للواجب (تعالى).
وفي عَدِّ الفاعل بالجبر والفاعل
بالعناية نوعَيْن بحيالهما مباينَيْن للفاعل بالقصد ، نظرٌ. توضيحه : أنّا ننسب
الأعمال المكتنفة بكلِّ نوع من الأنواع المشهودة ـ أعني كمالاتها الثانية ـ إلى
نفس ذلك النوع ، فكلُّ نوع علّةٌ فاعليّةٌ لكمالاته الثانية. والأنواع في ذلك على
قسمين : منها ما يصدر عنه أفعاله لطَبْعِهِ من غير أن يتوسّط فيه العلم كالعناصر ،
ومنها ما للعلم دَخْلٌ في صدور أفعاله عنه كالإنسان. والقسم الثاني مجهَّزٌ بالعلم
، ولا ريب أنّه إنّما جُهِّز به لتمييز ما هو كماله من الأفعال ممّا ليس بكمال له
ليفعل ما فيه كماله ويترك ما ليس فيه ذلك. كالصبي يلتقم ما أخذه ، فإن وجده صالحةً
للتغذّي كالفاكهة أكَلَه ، وإن لم يجده كذلك تَرَكَه ورمى به ، فتوسيطه العلم
لتشخيص الفعل الذي فيه كمالٌ وتمييزه من غيره ، والذي يوسّطه من العلم والتصديق إن
كان حاضراً عنده غيرَ مفتقر في التصديق به إلى تروّي فكر ـ كالعلوم الناشئة
بالملكات ونحوها ـ لم يلبث دون أن يريد الفعل فيفعله ، وإن كان مشكوكاً فيه
مفتقراً إلى التصديق به أخَذَ في تطبيق العناوين والأوصاف الكماليّة على الفعل ، فإن
انتهى إلى التصديق بكونه كمالا فَعَلَه وإن
إليهم في الأسفار ج
٢ ص ٢٢٤ ، وشرح المنظومة ص ١٢٠ ، وشوارق الإلهام ص ٥٥٠.
[١] راجع الفصل
الحادي عشر من المرحلة الثانية عشرة.