ويُبطل معه العلم من
رأس ، على أنّ فيه اعترافاً ببطلان أصل الدعوى.
وأمّا قول القائل[١] بجواز أن
يختار الفاعل المختار أحد الأمرين المتساويين دون الآخر لا لمرجّح يرجّحه ، وقد
مثّلوا له [٢]
بالهارب من السَّبُع إذا عَنَّ له طريقان متساويان فإنّه يختار أحدهما لا لمرجّح.
ففيه
: أنّه دعوى من غير دليل ، وقد تقدّمت
الحجّة [٣]
أنّ الممكن المتساوي الجانبين يحتاج في ترجُّح أحد الجانبين إلى مرجّح [٤].
فإن
قيل[٥]
: إنّ المرجّح هو الفاعل مثلا بإرادته كما مرّ في مثال الهارب من السَّبُع.
اُجيب
: بأنّ مرجعه إلى القول الآتي ، وسيأتي
بطلانه [٦].
وأمّا مثال الهارب من السَّبُع فممنوعٌ
، بل الهارب المذكور على فرض التساوي من جميع الجهات يقف في موضعه ولا يتحرّك أصلا.
على
أنّ جواز ترجّح الممكن من غير مرجّح ينسدّ به طريق إثبات الصانع (تعالى) [٧].
وأمّا قول القائل[٨] : «إنّ
الارادة مرجّحة بذاتها يتعيَّن بها أحد الأفعال
[١] راجع شرح
المواقف ص ٢٩٠ ، ومثّلوا له أيضاً بقدحي العطشان ، ورغيفي الجائع.
[٢] راجع شرح
المواقف ص ٢٩٠ ، ومثّلوا له أيضاً بقدحي العطشان ، ورغيفي الجائع.
[٣] راجع الفصلين
الخامس والسادس من المرحلة الرابعة من المتن.
[٤] هكذا أجابت عنه
الفلاسفة. راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤٨٠ ، والأسفار ج ٢ ص ١٣٦ ، وتعليقة
المصنّف (رحمه الله) على الأسفار ج ٧ ص ٢٩٨.
[٥] والقائل صاحب
المواقف ، حيث قال : «لا أقول لا يكون للفعل مرجّح على عدمه ، فإنّ الهارب بإرادته
مرجّح ايّاه على عدمه ، بل أقول لا يكون إليه ـ أي إلى الفعل ـ داع باعثٌ للفاعل
عليه من اعتقاد النفع أو ميل تابع له».